أسماء كنا ننظر لها بعين العافية، وكانت مشاهدتها عن كثب أشبه بالحلم، فجأة توجد في ملاعبنا، والجميع لا يجد عناء الحديث معهم، والتقاط الصور، فهذه بالتأكيد نقلة غير عادية في سماء الرياضة السعودية. لكن يبقى السؤال الذي تتباين الإجابة عنه: هل المدربون الذين يقودون هؤلاء النجوم المتميزة بمقدورهم ترجمة معطياتهم وتسخيرها في قالب اللعب؟.
للحديث عن هذا الموضوع بتفاصيل أوسع، كانت آخر مباراة استمتعت بها الجماهير لقاء الاتحاد والهلال الذي انتهى بفوز الأخير، بعد أن قلب الطاولة من خسارة بثلاثية لفوز برباعية غالية على عشاق الزعماء، وهذا السيناريو ليس غريبا، حيث سبق للهلال أن حوّل المعادلة ذات مرة، ووصلت للخمسة بعد أن كان خاسرا بالثلاثة في موسم 1983 بهندسة الجربوع والرحمة والقحطاني والبقية، وتجدد المشهد عندما كان الجابر مدربا، وقلب خسارة فريقه بهدفين لخماسية لا تنسى بطلها البرازيلي نيفيز والشمراني. عموما لست بصدد سرد تاريخ نتائج الفريقين وسيناريو «الريمونتادا»، فمحور حديثي لماذا لم ينجح مدرب الاتحاد في الحفاظ على تقدمه؟ وسؤال آخر عن سبب الممرات الهلالية في الخطوط الخلفية خلال الشوط الأول، حيث كانت هناك فوضى تكتيكية، والحال أيضا كان بالاتحاد في القسم الثاني من المباراة.
اللافت أن مدربي الفريقين ينتميان لمدرسة واحدة، المتمثلة في البرتغالية، ولكن ما شاهدناه فوضى أدائية وسط الميدان، وتحديدا عمق الدفاع والمحاور.
حديثي عن الهلال والاتحاد على اعتبار أن هذه الموجهة الأقوى، والنزال الوحيد الذي دارت رحاه بين الرباعي الكبير، والمشهد الذي لاح أمامنا ظهرت فيه الحلول الفردية، ولكن الإيقاع الفني غائب، ويقيني أن الأسماء الموجودة في صفوف الهلال تفوق فكر وطريقة جيسوس، والحال نفسه في الاتحاد مع ابن جلدته نونو، بدليل كمية «الانفرادات» التي وجدها هجوم الفريقين، وتحديدا الاتحادي مع حارس الهلال المغربي بونو، الذي أنقذ فريقه من قاضية في مستهل الشوط الثاني، وغيرها من الفرص.
جملة القول: زخم النجوم المترامية في صفوف العديد من الفرق يحتاج لمدربين أكفاء، والمجموعة التي يديرها جيسوس حاليا تختلف عن عناصر 2019، شكلا ومضمونا، والفرسان الذين اقتنصوا للاتحاد دوري العام الماضي والسوبر ليسوا ذاك الفريق الذي يدير بفلك العميد الحالي، الذي يستعد لنهائيات كأس العالم، والمباريات المقبلة حبلى بالأحداث التي قد تعصف بأكثر من مدرب، فـ«ليس كل مرة تسلم الجرة»، ولن يرضى عشاق العميد التفريط، وفي النصر الحال نفسه، وخماسية الفتح في الأهلي مؤشر غير إيجابي للفريق عند أول اختبار حقيقي أمام فريق متجانس، ويلعب بروح واحدة.
الجانب الجميل في المشهد الرياضي وجود الكثير من اللاعبين المؤثرين الذين شاركوا مع منتخبات بلادهم بصورة متكاملة خلال أيام الفيفا، بل إن البعض واصل الحضور الرائع الذي يجسده في الدوري السعودي، وهذا تأكيد لعلو موهبته، والقادم كفيل بكشف الأوراق، فمن لا يملك سوى الصيت في الميدان ستتضح معالمه، ومن يجمع الاثنتين هو الآخر سيسرق الإعجاب، والثالث ربما لا يملك الوهج نفسه خارج الملعب، لكنه حاضر بكل سخاء وسط الميدان، وله يد طولى في تغيير النتائج، وهذا المكسب الحقيقي.