لا تخلو الدنيا من المنغصات، ولعل من أصعب المواقف التي تمر على الإنسان فقدان قريب أو شخص عزيز، وبلادنا فقدت أمس شخصا غير عادي، فقدت رجل دولة من الطراز الأول، رجلا كان حضوره طاغيا ولافتا أينما كان، وكان النجاح والتفوق سائدا وبارزا حيثما أسندت إليه أي مهمة.
فعلى مدى عقود من العمل في قطاعات الدولة المختلفة توالت المهام والمسؤوليات على الأمير نايف بن عبدالعزيز، وهي من الكثرة بحيث لا يمكن سردها أو تذكرها، لكن الشاهد المشترك في كل تلك المناصب والمواقع هو التميز والقدرة على الإنجاز.
ولعل ما يمكن التأكيد عليه وبلا جدال وبشهادة العالم أجمع أن الأمير نايف بن عبدالعزيز سجل حضورا لافتا في كيفية تعامله مع الإرهاب الذي تعرضت له بلادنا وانعكست تداعياته خارجيا، ولم يكن ذلك النجاح قائما على استخدام القوة والسلاح فقط بل كانت هناك جهود فكرية واجتماعية ساهمت في تجفيف منابع الإرهاب إلى حد كبير، بل ولأول مرة في العالم تتعامل دولة مع من يحاربونها ويعادونها عبر مد أياديها لهم لمناصحتهم ومساعدتهم والوقوف مع أسرهم ودعمهم ماليا واجتماعيا، ويأتي برنامج المناصحة المعني بالمساجين المتهمين في قضايا إرهابية أو من يحملون ذات الفكر الذي يستند عليه الإرهابيون في عملياتهم الإجرامية داخل السعودية وخارجها شاهدا على هذا المنهج الفريد.
لا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نغفل حجم المسؤولية التي تصدى لها الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله بعد وفاة شقيقه الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله، فقد تقبل بصدر رحب كل المهام التي أسندت له من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكان كما عهده جادا وحازما وفاعلا في كل ما يخدم وطنه وأمته، ولهذا بغيابه يسود الحزن الشديد كافة أرجاء الوطن، ولكن في مثل هذه الحالات لا نقول سوى إنا لله وإنا إليه راجعون.