منذ سنوات بعيدة وأصحاب القرار والمحللون الاقتصاديون داخل المملكة العربية السعودية يتحدثون عن النفط وخطورة الاعتماد عليه فقط في خطط التنمية، والمتأمل بموضوعية وتجرد للتحولات التي تعيشها المملكة العربية السعودية الآن سيشهد أن كل الآمال وربما ما سماها بعضهم «الأحلام» الخاصة بالانعتاق من النفط في الاقتصاد السعودي، وإيجاد بدائل جديدة قد بدأت تتحقق من خلال القرارات الجريئة والتحولات النوعية التي آمن بها خادم الحرمين الشريفين وفقه الله، ورسم خطوطها وعزم على تحقيقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، وهو تحول كان يحتاج إلى عزم وتصميم، ورؤية واستراتيجيات اقتصادية علمية، تنظر للمستقبل بنظرة موضوعية، وتحمل هم الأجيال القادمة، كما تعرف حاجات الأجيال الحاضرة، فكانت رؤية المملكة 2030 نقطة الانطلاق نحو سعودية جديدة لا ترهن مستقبلها نحو النفط فقط، وهو السلعة الأغلى والأكبر والأسعد، ولكن عين العقل والحكمة تخطط لما هو أبعد وأشمل لأي قيادة تقرأ ملامح الحاضر، وتستشرف آفاق المستقبل، فكان القرار والرؤية والتوجه إعلانا صريحا على أن القيادة حفظها الله واعية وقادرة على أن تخرج من عنق الزجاجة الذي وضعتنا فيه الظروف المختلفة، وبدأت بحمد الله الواردات السعودية تحقق بالأرقام تحولات رائعة من النفط إلى مصادر أخرى، لا ترتهن لأسعار البترول وتقلباته، بل تنفتح على كنوز الوطن المعطلة، وتستثمر قدرات أبنائه وبناته في الانطلاق نحو تحقيق الفوائد الاقتصادية من خلال ميادين الصناعة والسياحة والرياضة والترفيه... وغيرها، وهو تحول نقف له احتراما وتقديرا وهو يحمل الأنباء السارة عبر الأرقام الجديدة... إن التحولات الاقتصادية الإيجابية التي بدأت مع هذه الرؤية، ستكون غيثا عاما بحول الله على حاضرنا ومستقبلنا، ولكنها بحاجة أيضا إلى أن يستشعر المواطن السعودي دوره في الوعي بهذه المرحلة، ليستشرف التحولات بأمل وتفاؤل، فدولته كانت حاضرة بإنسانيتها وعطائها الكبير في الملمات والكوارث، ولم ولن تبخل عليه بشيء، وما أدلة الجسور الجوية التي أنشأتها من أجل مواطنيها بعد جائحة «كورونا» إلا ترجمة لذلك، وما تنفقه في ميادين الصحة والتعليم ومن قبل الدفاع والأمن إلا من أجل المواطن والمقيم، بل إن من تابع قبل شهور قليلة السفن السعودية وهي تجري في البحر لنقل العالقين في جمهورية السودان الشقيقة الحبيبة بعد أحداث الإخوة المؤسفة هناك، سيلحظ أن السفن السعودية أجلت الرعايا من مختلف الجنسيات، دون من أو أذى لتحقق المطالبة الأصعب في عالمنا المعاصر وهي مسؤولية الدولة أمام مواطنيها وهي المسؤولية التي يزعمها بعض السياسيين دوما من خلال التنظير، ولكن المملكة العربية السعودية تحقق ذلك بالفعل المشهود المشكور... ختاما التحولات الهائلة هدفها وطن مزدهر آمن اقتصاديا وحضاريا، في ظل عالم متغير، والمواطن السعودي قادر على أن يتجاوز كل المعوقات، وأن يعلم أن لكل هذه الطموحات ثمنها الذي يدفع جزءًا ضئيلًا منه اليوم، لكنها ستكون خيرًا عميمًا على الوطن كله بحول الله.
