سلطت العقوبات التي فرضتها كندا على لبنان الضوء على الفساد المالي، وتورط مصارف لبنانية في تقديم خدمات مالية غير مشروعة لحزب الله.

وكتبت ناتالي إيكانو، محللة الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، وهو معهد أبحاث غير حزبي في واشنطن، أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة متواطئ في جرائم فساد مالية مع حزب الله الذي يهيمن على النظام السياسي اللبناني، ويدير أعضاؤه وحلفاؤه كل مؤسسات الدولة تقريبًا، وأن مصرف لبنان المركزي سمح لحزب الله بالوصول إلى النظام المصرفي في البلاد، لأغراض غير مشروعة.

أعمال الفساد


فرضت كندا أخيرا عقوبات على حاكم البنك المركزي اللبناني السابق رياض سلامة واثنين من مساعديه، لـ«تورطهم في أعمال فساد كبيرة»، لتنضم بذلك إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتين لم تفرضا عقوبات على مصرف لبنان على الرغم من أنه قدّم تحت قيادة سلامة خدمات مالية وغطاء لغسل الأموال لحزب الله.

وهناك دعوى قضائية مرفوعة في نيويورك تزعم أن 12 مصرفا لبنانيا «قدمت عن عمد دعما ماديا واسع النطاق ومستداما، بما في ذلك الخدمات المالية، لحزب الله وشركاته ومنظمات الرعاية الاجتماعية والناشطين والميسرين».

وعندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على صرافة تابعة لحزب الله في يناير، أشارت وزارة الخزانة الأمريكية إلى وجود ترخيص لها من مصرف لبنان لـ«تحويل الأموال داخل لبنان وخارجه»، وكل هذا تم تحت مراقبة سلامة.

غسل الأموال

يخضع سلامة الآن للتحقيق في جميع أنحاء أوروبا بتهمة غسل الأموال والاختلاس، حيث فتحت سويسرا، على سبيل المثال، تحقيقا في ممارسات سلامة في 2021، بعد أن زعمت منظمة حقوقية أن حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجا حولا أكثر من 300 مليون دولار في معاملات البنك المركزي بين 2002 و2015 «من خلال شركات وهمية متعددة الطبقات».

وفتحت فرنسا تحقيقًا آخر بعد أن زعمت مجموعة محلية لمكافحة الفساد أن الأخوين سلامة وزميلتهما في مصرف لبنان، ماريان الحويك، غسلوا الملايين من خلال العقارات الفاخرة. كما فرضت كندا عقوبات على رجا سلامة وماريان حويك كجزء من التصنيفات الأخيرة.

وتحقق ألمانيا ولوكسمبورغ وليختنشتاين أيضا في الممارسات المصرفية لرياض سلامة. وفي مايو، أصدرت فرنسا وألمانيا مذكرات اعتقال دولية بحق رياض سلامة. كما أصدر الإنتربول مذكرات مماثلة بشأن جرائم مالية (نشرات حمراء) ضد سلامة في 19 و30 مايو.

إنقاذ الاقتصاد

منذ ما يقرب من 18 شهرا، توصلت بيروت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولين لإنقاذ اقتصادها المتعثر. لكن الحكومة التي يهيمن عليها حزب الله فشلت في تنفيذ الإصلاحات الحاسمة اللازمة لإطلاق خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي، البالغة 3 مليارات دولار، ويشمل ذلك أطر «تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد ومكافحة غسل الأموال».

نفوذ كبير

سلط الانفجار المدمر لمرفأ بيروت، الذي مر عليه نحو 3 سنوات، الأضواء على الفساد وسوء الإدارة في الميناء الذي يسيطر عليه حزب الله، والذي أدى إلى الكارثة. ومع ذلك، يواصل حزب الله عرقلة التحقيقات القضائية، وحتى يومنا هذا لم تتم محاسبة أحد.

وفوق كل ذلك، ظل لبنان بلا رئيس منذ الخريف، عندما انتهت ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر. وفشل البرلمان 12 مرة في انتخاب خليفة له، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سيطرة حزب الله على العملية الانتخابية.

ولا يزال حزب الله يتمتع بنفوذ في لبنان. كما أن الوضع المؤسسي الراهن للبلاد، على الرغم من تعرضه للكسر، يظل على حاله.

ارتفاع التضخم

تسبب ارتفاع التضخم في خسارة الليرة اللبنانية 98% من قيمتها، وانخفضت رسميًا إلى أكثر من 15000 ليرة مقابل الدولار، على الرغم من أن أسعار الصرف الفعلية في لبنان أسوأ بكثير من الأرقام المعلنة.

واليوم، يعيش 80% من سكان لبنان في فقر، بينما كثيرون غير قادرين على الوصول لأموالهم من البنوك.

مخطط بونزي

صعد سلامة إلى مكانة بارزة في أعقاب الحرب الأهلية في لبنان، التي استمرت من 1975 إلى 1990. وعلى مدى عقود، أشاد المجتمع المصرفي الدولي به، لتنشيطه اقتصاد لبنان، وإبقائه مستقرا وسط الاضطرابات السياسية، والحرب مع إسرائيل المجاورة، والأزمة المالية في 2008. وتقديرًا لإنجازاته، حصل حاكم مصرف لبنان على عدد من الأوسمة، بما في ذلك «أفضل مصرفي مركزي للعام» عدة مرات.

ولكن عندما انهار القطاع المالي في لبنان قبل 4 سنوات، انهارت معه سمعة سلامة. وعندما تقاعد، أطلقت عليه مجلة «إيكونوميست» لقب «أسوأ محافظ بنك مركزي في العالم»، لسياسته المتمثلة في اقتراض الأموال لسداد الديون للدائنين (خطة بونزي)، حيث يعتمد مخطط الاحتيال، المعروف باسم «بونزي»، على جذب المستثمرين عبر تقديم الوعود بتحقيق عائد كبير دون مخاطرة، لكنه في واقع الأمر يعتمد على استخدام أموال المستثمرين الجدد في دفع مستحقات المستثمرين السابقين من أجل كسب ثقتهم.

وقد أدت سياسة سلامة في النهاية إلى إغراق لبنان فيما يصنفه البنك الدولي «واحدة من أسوأ الكوارث الاقتصادية في التاريخ الحديث».



رياض سلامة


أصبح حاكما لمصرف لبنان

في 1993.

عمل كمصرفي استثماري في بنك «ميريل لينش».

أخلى منصبه في مصرف لبنان عندما انتهت ولايته الخامسة في 31 يوليو.

امتدت فترة ولايته كوصي على القطاع المصرفي اللبناني 30 عاما

حزب الله يقف وراء تدهور لبنان

محللون يطلبون أن تتضمن التحقيقات والتصنيفات الأوروبية تواطؤ رياض سلامة في جرائم فساد مع حزب الله .

قدمت مصارف لبنان عمدا دعما ماديا واسع النطاق ومستداما لحزب الله وشركاته يواصل حزب الله عرقلة التحقيقات القضائية في انفجار المرفأ، وحتى يومنا هذا لم تتم محاسبة أحد

فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب خليفة للرئيس اللبناني عون، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سيطرة حزب الله على العملية الانتخابية