(فوضى) هي الكلمة الأقرب لوصفهم، وتندرج تحتها فوضى تنظيمية وفوضى إنسانية واقتصادية ومرورية. قبل البدء وقبل إطلاق سهام الظنون وبذور النوايا التي قد تنبت نباتا سيئا. أدرك تماما هدفهم في السعي للحصول على دخل إضافي، وهذا حقهم الشرعي في هذه الأرض المباركة التي يأتي لها القاصي والداني للعمل فيها، إيمانا منهم أنها بلد خير وبلد عطاء. كما أتفهم تماما أنهم يتحركون وفق الإمكانات المتاحة لهم. فمندوبو التوصيل وتحديدا مندوبو توصيل المطاعم والمشروبات اليوم، أصبحوا فئة لها تصنيفها ومواصفاتها في الشوارع ، وجزءا من المشهد الميداني، وفي الغالب ومع الأسف الدور المناط بهم في هذا المشهد يتوشح بالسلب! دعوني أبدأ في ملاحظاتي للمشهد العام.

في الشتاء الماضي لمحت بعض المطاعم تجعلهم ينتظرون بالخارج كي لا يضايقوا الزبائن، فلك أن تتخيل المنظر وارتعاشات ضلوعهم مسموعة. واليوم وفي هذه الأجواء الملتهبة يتكرر المشهد بوجودهم خارج المطعم أيضا كي لا يتضايق الزبائن بتراكمهم حول الكاونترات، والنتيجة تمتع الشمس بشيهم واحدا تلو الآخر. إضافة إلى تفاوت الأجواء ما بين برد وحر، التعامل معهم من قبل أصحاب المطاعم من جهة والزبائن من جهة أخرى، معاناه تضاف إلى الأولى. يذكر لي أحد الزملاء أنه عمل في أحد تطبيقات التوصيل لفترة قصيرة و (شاف العجب) فهو سيلتقي في محطته الأخيرة بطبيعة الحال بالزبون الذي طلب الأكل وسيحاسب على أي تأخير ليس بيده وليست له علاقة. هذا وقصص السرقات وعدم تسليم الثمن أحيانا تدخل في المعاناة.

أما عما على المندوبين من ملاحظات، فالمشاهد التي ذكرتها أعلاه تشوه مشهد المدينة الحضاري والمجتمع المدني، وليس من اللائق أن يتراكموا عشوائيا على الأرصفة. كما أن مركباتهم المستخدمة، هي في الغالب في حالة سيئة تتساوى مع قيادتهم الأسوأ، واصبحوا من المسببات الرئيسة للحوادث. ومن زاوية أمنية كذلك فهم قادرون على الوصول لمنازلنا وأماكن عملنا، فكم من مرة أصادف أن المندوب لا يكون وحيدا عندما يأتي بطلبي! والبعض منهم يكون عامل منزل يستغل مرونة أهل البيت ويستغل سيارتهم وغيرها.


بلا شك وجودهم سهل علينا الكثير من تفاصيل الحياة، وهم كذلك وجدوا فرصة لدخل إضافي، فالطرفان مستفيدان. لكن التنظيم للعملية وترتيبها أكثر سيكفل للجميع حقوقهم وسيحافظ على المنظر العام.