وبينما ضحى بعض هؤلاء بمستقبلهم العلمي من أجل أسرهم، يجتهد آخرون في العمل بعد مدارسهم، عصرا أو ليلا، ويواصلون تحصيلهم الدراسي صباحا، باذلين أقصى جهد ممكن، لإعالة أو المساعدة في إعالة ذويهم.
واستحق هؤلاء الكادحون الصغار لقب «الرجال» الذين لم يكتفوا بالجلوس ولوم الحظ، بل شمروا عن سواعد العمل، وانطلقوا إلى ميادينه مبكرين.
من المرحلة المتوسطة
قال عبدالكريم عادل (19 عاما) إنه بدأ العمل منذ كان في المرحلة المتوسطة (14 عاما). وأوضح: «تحملت مسؤولية الأسرة منذ سن صغيرة، كون والدي معاقا، فبحثت مبكرا عن عمل، وحالفني الحظ بالعمل في محل ملابس وعطور من الـ4 عصرا حتى الـ10 مساء، وكنت أدرس في الصباح، ثم عملت في محل آخر وآخر، كي أنفق على نفسي وعائلتي. وكلما كبر أشقائي زادت مصاريفهم، ولكن ولله الحمد أمنت لهم طلباتهم، وبعد حصولي على الثانوية العامة قدمت على عدد من الوظائف الحكومية، ولم يحالفني الحظ بالحصول على أي منها».
بدوره، أضاف شقيقه الأصغر محمد (18 عاما، بدأ العمل منذ كان في الـ15 من عمره): «تخرجت في الثانوية العامة هذا العام، وأدين بالشكر لله ثم لأخي الأكبر الذي كان لنا السند والأمان، حيث كان يكافح منذ صغره، كي لا نحتاج أحدا، وعقب تخرجي قدمت على عدد من الوظائف وما زلت أنتظر. لكني وجدت حاليا عملا كموظف استقبال في أحد الفنادق، حيث أعمل من العصر حتى الليل، حتى أساعد شقيقي في مصاريف البيت والأسرة».
نقل مدرسي
أكد فارس وحمد ناصر معلاق أنهما عملا منذ كانا في سن الـ14 في أعمال كثيرة، وتعاونا حتى جمعا مبلغا من المال مكنهما من شراء سيارة مناسبة، بدآ العمل عليها بتوصيل الطلاب الصغار من أبناء وبنات الجيران، ليعيلا أسرتهما، لأن والدهما بلا عمل، وأسرتهما كبيرة العدد.
وأشارا إلى أنهما خلال العطل المدرسية، وتوقف توصيل الطلاب، يعملان على توصيل الطلبات، حتى تخرجهما من المدرسة، وحصولهما على الوظيفة المناسبة.
دراجة أبو سالم
على دراجته ذات العجلات الثلاث التي أهداها له أحد فاعلي الخير، يحمل أبو سالم، وهو شاب نحيل ومصنف على أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، منذ نحو 6 أعوام ترمس الشاي وعددا من الأكواب وبعض أعواد النعناع، وكذلك حزم من الفجل والجرجير التي يحصل عليها من أحد المزارع، ويقود إلى مكان اعتاده وعرفه فيه كثيرون بجوار أحد الأسواق التجارية، حيث يبيع الشاي هناك. كما يبيع الخضراوات التي حصل عليها، والبليلة في بعض الأحيان.
ويعمل أبو سالم (21 عاما) على فترتين، تنتهي الأولى عند الظهيرة، ثم يعود إلى بيته قبل أن يرجع إلى مكان طاولته المعتادة من بعد العصر حتى العاشرة مساء.
القهوة والشاي
وجد الشاب محمد عبدالله (19 عاما) في إعداد القهوة والشاي والنعناع والزنجبيل خلال المناسبات فرصة لإعالة نفسه وأسرته.
وبيّن أنه تعلم إعداد كل تلك الأشياء منذ كان في الـ14 من عمره من خلال مرافقته عددا من أقاربه، وأنه أتقنها، وصار ماهرا ومطلوبا عند كثيرين في مناسباتهم، موضحا أنه يعمل خلال المناسبات من الـ4 عصرا حتى انتهاء المناسبة (عادة في حدود الـ11 مساء)، حيث يتسلم أجره ويعود إلى منزله منهكا، وهو بهذه الطريقة يساعد والده الذي لا يملك وظيفة أو عملا.
كشك صغير
بيّن صالح عبدالرحمن الفقير (19 عاما) أنه منذ بضع سنوات بدأ أعمالا عدة، حتى يساعد والده. وقال: «كنت أحصل على مبالغ بسيطة أساعد والدي بالجزء الأعظم منها، ويتبقى جزء صغير بدأت أدخل به ما يمكن أن نسميه «الجمعيات»، بمعنى أوفر مع بعض الأقارب وغيرهم، واتسلم مبلغا مجمعا ومعقولا. وبهذه الطريقة، وبعد حصولي على الثانوية، ومحاولاتي الكثيرة للحصول على وظيفة، استطعت أن أجمع رأس مال بسيطا من «الجمعيات» الكثيرة التي شاركت فيها، واستأجرت كشكا صغيرا في مجمع لبيع أجهزة الجوال، وبدأت أبيع الإكسسوارات الخاصة بأجهزة الجوال، ثم بدأت أتوسع قليلا في تجارتي بالمحل، ولله الحمد تسير الأمور على ما يرام».
حراج الخردة
بدوره، رأى محمد حسين (16 عاما) أنه وجد ضالته في حراج الخردة، حيث كان يرافق عمه منذ الصغر. وقبل 3 أعوام، بدأ يعتمد على نفسه، مع تعرفه أكثر وأكثر على أسرار الحراج. وقال: «أوجد في الحراج منذ وقت مبكر، أي منذ الثانية ظهرا، واستقبل القادمين للحراج، واشتري من الراغبين بيع ما لديهم كثيرا من الحاجيات، سواء لوحدي أو بالمشاركة مع بعض الزملاء، وأعيد بيعها بمكسب لا بأس به، ونتقاسم ما دفعناه وما كسبناه، وأعود إلى بيتي، لأقدم ما تيسر مما جنيته للوالد، كي يعينه على مصروف الأسرة».
ـ ظروف قاسية دفعت شبابا صغارا للعمل المبكر
ـ الصغار يعملون في مهن متنوعة، من بيع الشاي إلى التجارة
ـ أغلب الصغار يعملون بشكل مؤقت في انتظار فرصة الوظيفة
مهن يعمل بها الصغار
ـ باعة في محلات ملابس وعطور
ـ موظفو استقبال في وحدات سكنية
ـ باعة شاي وقهوة
ـ باعة إكسسوارات لأجهزة الجوال