السؤال هنا تخيل أنك من يتحكم بهذه الطائرة، فعلى سبيل التصغير تخيل أنك موظف ببرج مراقبة لمطار لا تصل إليه إلا رحلات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، فكم نفسا وضعها الله تحت رحمة انتباهك وتركيزك، تخيل أنك نسيت أن تأخذ (الدربيل) وتتأكد من أن المدرج يخلو من أي قطع صلبة ألقتها الرياح عليه، وأثناء هبوط الطائرة أو إقلاعها ارتطم ذلك الجسم ولو كان صغيراً بمحرك أو عجلات الطائرة، وتخيل أنك توجه طائرة مليئة بالركاب في جو مظلم يوجد به طائرة مفقودة من على الرادار، تخيل أنك تريد أن تساعد طيارا على الهبوط من دون عجلات، تخيل أنك بهذه البساطة من العمل أو تخيل أنك توجه ما لا يقل عن 15 طائرة في الوقت نفسه ومن وإلى الوجهة نفسها وعلى مدرج واحد، وتخيل أنه عليك إن لم يكن لك «مود» في العمل ذلك اليوم أنه يجب عليك إبلاغ مديرك وإلا ستتعرض للجزاء القاسي إن حصل أو كاد يحصل مكروه لا سمح الله بسبب تشتت انتباهك، تخيل أنك قد تعيش نصف عام في حالة نفسية سيئة قد تبعدك من عملك بسبب حادثة طيران يوشك على الوقوع فقط لغفلتك ثانية واحدة لترتشف كوب القهوة مثلا. تخيل وتخيل وتخيل. تخيل أنك أحد العاملين في شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية والتي أعلنت المنظمة العالمية لخدمات الملاحة الجوية «CANSO» حصولها على المركز الثاني عالمياً في عام 2022 على مستوى شركات العالم، تخيل أنك واحد من هؤلاء الذين لا نراهم على كل رحلة طيران تجوب بلادنا ونصل بسلام إلى وجهتنا كل مرة بأن من الله علينا بمثل هؤلاء من (أبطال الجو المجهولين).