كثر الحديث هذه الأيام عن الدولار وهيمنته على الاقتصاد العالمي سواءً بالتداول أو الاحتياطات حتى أنه أصبح يتعامل معه مثل السلعة في دول كثيرة، وقد زاد الناس حديثًا عن إمكانية تراجع الدولار عن مكانته لصالح عملة أخرى وخصوصًا الرمبي (اليوان الصيني).

والرمبي هو اسم العملة الرسمي للصين وتعني عملة الشعب، واليوان هي وحدة حساب الرمبي؛ فالرمبي مثل الذهب واليوان مثل أوقية الذهب فنقول أنت مدين لي بـ10 أوقيات ذهب ولا نقول أنت مدين لي بـ10 ذهب، كذلك الرمبي واليوان فلا نقول قيمة هذا الشيء عشرة رمبي إنما عشرة يوان.

ومن الأسئلة التي يتداولها الناس هل سيستمر الدولار أم سيحل مكانه الرمبي؟ هل سيفك الريال ارتباطه بالدولار؟ وهل وهل وهل وسنتحدث هنا عن كل هذه الأسئلة وغيرها مثل سبب سيطرة الدولار واستمراره وسبب قوته.


عمر الدولار حوالي 250 سنة فقط، وكان مقيمًا بالذهب (قبله كان الجنيه الإسترليني وهو العملة العالمية من أواخر القرن الثامن عشر إلى بدايات القرن العشرين، والذي تراجع بسبب الحروب والديون وغرق بريطانيا العظمى في المشاكل والتوسع الكبير الذي أرهق الميزانية وجعلها غير قادرة على أن تبقى المسيطرة على العالم بعد مزاحمة الدولار لها.

وقبل الجنيه كان الجيلدر الهولندي مسيطرًا على العالم وهو العملة العالمية الأولى منذ بداية القرن السابع عشر حتى نهاية القرن الثامن عشر ثم تراجع بسبب التوسع في الحروب والتوسع كذلك في الإقراض، ما أدى إلى ضعف الثقة العالمية في الجيلدر الهولندي وإزاحة الجنيه الإسترليني له عن عرش العملات، ثم أصبح الدولار مهيمنًا ومسيطرًا على العملات تدريجيًا من بعد الحرب العالمية الأولى واشتد وقوي بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي عام 1944 عقد مؤتمر بريتون وودز -سنتحدث عنه لاحقًا- في الولايات المتحدة الأمريكية فغير العالم فيما بعد وبسبب المشاكل المالية والاقتصادية العالمية وضعف دول العالم وظهور أمريكا قوة عالمية تم الاتفاق على أن يكون الدولار مرجعًا عالميًا للعملات، ويكون مقدرًا بالذهب وموزونًا ومربوطًا به، تم إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في ذلك العام، بعد ذلك عام 1973 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فك ارتباط الدولار بالذهب وجعل الدولار هو المرجع والاحتياطي العالمي (وعرف ذلك بصدمة نيكسون) ومنذ ذلك التاريخ والدولار هو المرجع للعملات وبدأت تنفذ هذه المعادلة تدريجيًا أو بشكل بطيء جدًا.

يعد الدولار العملة الأقوى عالميًا ومصدر هذه القوة هي الدولة المصدرة له (الولايات المتحدة الأمريكية) التي تسيطر على أكثر من %20 من الاقتصاد العالمي، كذلك %52 من الاحتياطات العالمية هي بالدولار «علمًا أنه يوجد حوالي 180 عملة في العالم متداولة حاليًا» وهذه الـ%52 تمثل 12.8 ترليون دولار والتعامل اليومي أكثر من %60 منه يتم بالدولار وفي التسعينات والثمانينات من القرن الماضي كانت حوالي %80 من التعاملات التجارية تتم بالدولار، وكذلك البترول وهو السلعة المهمة عالميًا يتم تسعيرها بالدولار وهذا يمثل %3 من الناتج المحلي العالمي وهو رقم كبير جدًا يتجاوز 3 آلاف مليار دولار سنويًا.

يتبع........