وبحسب جدول رحلاتها، توجد أربع رحلات من وإلى الصين أسبوعيا، بينها رحلتان بين جدة وبكين الاثنين والجمعة، ورحلتان بين الرياض وبكين الأربعاء والأحد، وذلك في ظل تكثيف
التبادلات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والصين، ومساعي تطوير قطاع السياحة في المملكة، إذ تعد السعودية أكبر وأغنى دول الشرق الأوسط، ويجذب تراثها وحضاراتها المتميزة والزاخرة السياح الصينيين. كما تفتح هذه المسارات الجديدة آفاقا وفرصا أمام القادمين من الصين للمملكة.
ففي 27 سبتمبر 2019، فتحت المملكة حدودها على العالم، وسعت إلى تطوير قطاع السياحة، للإسهام في تنويع اقتصادها، وتحقيق العديد من أهداف رؤية 2030، وأصبح القطاع السياحي من أكثر القطاعات الواعدة في المملكة. وفي العام 2022، سجلت السعودية 93.5 مليون زيارة سياحية، بما فيها 16.5 مليون سياحة دولية، وبلغ إنفاق السياح الأجانب فيها 27 مليار ريال خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي. أما الصين فهي كانت أكبر مصدر للسياح الوافدين في العالم. وفي 2019 قبل تفشي الوباء، بلغ عدد المواطنين الصينيين الذين سافروا إلى الخارج نحو 155 مليونا، وتطمح السعودية لاستقبال 100 مليون زائر من جميع أنحاء العالم بحلول 2030، لذلك تعد الصين مصدرا سياحيا مهما لها، حيث تخطط المملكة لجذب نحو 4 ملايين سائح من الصين في 2030، وجعلها ثالث أكثر سوق مصدر سياحي للمملكة.
والصين هي واحدة من 49 دولة أتاحت لها السعودية تأشيرات إلكترونية، بحيث أصبح بإمكان السياح الصينيين الذين يسافرون إلى السعودية على متن رحلات الخطوط السعودية الحصول على التأشيرة الإلكترونية مجانا، والبقاء فيها 96 ساعة مع إقامة مجانية بالفندق لليلة واحدة، الأمر الذي يسهل دخول الصينيين المملكة لغرض السياحة.
في السابق، كانت هناك خمس رحلات مباشرة من مدينة قوانغتشو جنوب الصين إلى جدة والرياض على متن رحلات الخطوط السعودية كل أسبوع. والآن، يوفر تدشين الرحلات المباشرة الجديدة من بكين إلى السعودية المزيد من الخيارات والراحة للسياح الصينيين، خاصة السياح من شمال البلاد إلى السعودية. علاوة على ذلك، تلبي السياحة في السعودية احتياجات وتطلعات السياح الصينيين من مختلف الجوانب، أولا: تعد السعودية من أكثر الوجهات السياحية أمانا في العالم، حيث احتلت الترتيب الـ33 من بين 117 دولة العالم وفقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالم، وثانيا: لم تفتح السعودية أبوابها للسياحة حتى 2019، لذلك هناك العديد من الوجهات الجديدة التي لم يتم استكشافها بعد، وهذا يرضي رغبة الصينيين في استكشاف تراثها الثقافي الممتد على كامل مساحتها المترامية، وثالثا: تتميز السعودية بمواردها السياحية المتنوعة، فهي موطن ستة مواقع مدرجة في قائمة «يونسكو» للتراث العالمي، وبها أكثر من 10.000 موقع أثري، بما في ذلك الأماكن التاريخية مثل البلد في جدة وطريف بالدرعية التي تعتبر مسقط رأس المملكة العربية السعودية. كما تعمل السعودية على تطوير وجهات سياحية جديدة مثل مدينة المستقبل «نيوم»، ومدينة «القدية» الثقافية قرب الرياض، بالإضافة لعدد من المشروعات السياحية والترفيهية في محيط البحر الأحمر.
كما تختلف الخصائص الطبيعية والعادات والتقاليد السعودية اختلافا كبيرا عما في الصين، مما يشكل جاذبية كبيرة للسياح الصينيين. ففي مارس الماضي، أطلقت هيئة السياحة السعودية أول جولة ترويجية لها في 2023 ببكين. وفي مايو، شاركت هيئة السياحة السعودية في معرض قوانغتشو الدولي للسياحة في الصين للمرة الأولى.
تعكس كل هذه الإجراءات عزم السعودية تطوير السوق الصينية، وجذب السياح الصينيين. وبعد تعديل الصين سياساتها لمكافحة الوباء منذ نهاية العام الماضي، تشهد السياحة الخارجية في الصين تعافيا تدريجيا، حيث تجاوز عدد السياح الصينيين المتجهين إلى الخارج 40 مليون سائح في النصف الأول من هذا العام.
إن عودة السياح الصينيين إلى سوق السياحة الدولية سيعزز تنمية صناعة السياحة العالمية، مما ينعكس إيجابا على الاقتصاد العالمي الذي يعاني ركودا من جهة، ومن جهة أخرى سيسهم ارتفاع أعداد السياح الصينيين إلى المملكة وبالعكس في تعزيز الروابط الثقافية بين الشعبين الصيني والسعودي، وتنمية الروابط الاقتصادية، والوصول بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى نسب غير مسبوقة.
* إعلامية وباحثة صينية