وفي يوم من الأيام «هلّت تباشير الفرح واليوم عيد»، ورده اتصال من إدارة الصيدلة بالمستشفى يبلغه أن علاجه وصل، فهرع المريض للمستشفى، وما إن وصل للصيدلي حتى رمى به مجددا على صيدلي آخر، ولسوء الفهم بين الصيدليين رفض أحدهم تسليمه العلاج، بحجة أنه علاج يجب تحضيره، وأخذه داخل المستشفى، وتناسوا أن صاحبنا سبق أن أخذ العلاج أثناء فترة التجربة طوال 4 أعوام، ولم يكن العلاج بودرة ولا «بطيخ»، بل مجهزا ومحضرا للحقن تحت الجلد في المنزل بطريقة حقن مرضى السكر لأنفسهم بالأنسولين. غضب صاحبنا وما إن أبدى استياءه للصيدلي، حتى صعقه الصيدلي بالجرعة التي وصلت أصلا، كونها جرعة غير كافية لنصف شهر حتى، وهذا يعني أن صاحبنا قد خسر فعليا فترة العلاج لمدة 8 أشهر، كي يحصل على كمية نصف شهر، بينما في المرة السابقة حصل على كمية تكفي لستة أشهر وصلته خلال أسبوع، فأين الخلل؟.
الخلل يكمن في الثقة التي أوصلت جميع من مر عليهم هذا المريض من الممارسين إلى مرحلة الطمأنينة الكاملة، من أن يعاقبوا، طمأنينة جعلتهم يعتقدون أن مشاكلهم الاجتماعية وإحباطهم الوظيفي وديونهم البنكية ذات أولوية في أدمغتهم قبل حياة هذا المريض، الذي بالتأكيد لم يكن وحده. وللتأكيد على صحة هذا القول، أراهنكم -قراءنا الأعزاء - بأنه لم يحسم ولو ريال واحد من جميع هؤلاء الصيادلة طوال فترة عملهم، فقط لأن الزمالة بينهم أهم مما تم توظيفهم لأجله، وهو المريض أولا. فإن كان التعامل سيستمر بهذه الطريقة، فبدلا من أن يكون التموين الطبي ركنا أساسيا في إنهاء الأمراض أصبح (التموين الطبي لإعادة الأمراض).