تصدرت قروبات (مجموعات) الإعلاميين قائمة القروبات الأكثر تسريبا لما يدور فيها بطريقة تصوير المحادثات وبثها أو نقلها لمعنيين أو أشخاص آخرين خارج تلك القروبات، تلتها قروبات الرياضيين، بينما حلت قروبات العمل في المرتبة الثالثة.

وعلى الرغم من الفاعلية التي تمتاز بها قروبات التواصل الاجتماعي وفوائدها الجمة، فإنها باتت كذلك محل نفور من كثيرين، خصوصا مع تحول تصوير محادثات الأعضاء ـ خصوصا تلك التي تتضمن انتقادات لأشخاص أو خدمات - وإرسالها إلى أصحاب الشأن إلى ظاهرة منتشرة، عانى كثيرون آثارها السلبية، ووضعت عددا كبيرا منهم قيد المساءلات، ومحل قضايا واتهامات عدة.

وقد قاد تفشي هذه الظاهرة إلى عزوف كثيرين عن المشاركة في تلك القروبات أو على الأقل تجنب إبداء الرأي فيها، والاكتفاء فقط بدور المستمع، خشية أن تجعلهم مشاركاتهم، إذا ما تم تصويرها وإرسالها إلى أشخاص بعينهم أو جهات محددة، عرضة للمساءلة أو على الأقل اللوم والعتاب.


من جهته، كشف مختص نفسي أن علماء النفس يُجمعون على أن 7 إلى 8 % من الناس يعانون اضطرابات شخصية تتنوع وتتشابك، مشيرا إلى أن هناك 7 شخصيات تصنف على أنها مضطربة، أخطرها وأشهرها الشخصية التي تعاني اضطراب الشك. ويعاني المصابون باضطراب الشخصية مشكلات في فهم المواقف والأشخاص، والتعامل معهم، مما يقود إلى مشكلات كبيرة، ووضع حدود في العلاقات والأنشطة الاجتماعية والعمل، وغيرها. ولا يدرك كثير من مضطربي الشخصية أنهم مصابون بهذا الاضطراب، حيث تبدو طريقة تفكيرهم وتصرفهم وكأنها طبيعية بالنسبة إليهم، بينما يلقون باللوم على الآخرين في أي مسألة تواجههم.

مرض أم مصلحة

يستغرب كثيرون من تسرب محادثات القروبات خارجها، على الأخص عبر تصويرها، ويتساءل كثير منهم عن توصيف من يقوم بهذا التسريب، وهل يعد مريضا نفسيا أم شخصا أنانيا أو مؤذيا تهمه مصلحته الخاصة الضيقة، وغير آبه بخطورة أعماله، وارتكابه مخالفات قانونية بنقله المحادثات وتصويرها.

شكاوى وتحقيقات

قاد انتشار تصوير محادثات القروبات وتسريبها خارج تلك القروبات إلى تضرر كثير من أعضائها، حيث رصدت «الوطن» عددا من الشكاوى التي قدمت ضد أشخاص، بناء على محادثات مصورة من قروبات تواصل اجتماعي تم نقلها خارج هذه القروبات. كما رصدت تحقيق جهات العمل مع منتسبين لها، وعتاب شخصيات لبعض منتقديها، بعد وصول المحادثات مصورة إليها.

وحسب رصد «الوطن»، الذي شمل مراقبة 10 قروبات متنوعة على تطبيق «واتس آب»، تصدرت القروبات الإعلامية ظاهرة تسريب المحادثات بالتصوير بنحو %48 من الحالات المرصودة، بينما حلت القروبات الرياضية ثانيا بـ%28، وقروبات العمل ثالثا بـ%18، وبعيدا عنها جاءت بقية القروبات (قروبات متنوعة) بنحو %6.

شخصيات مضطربة

أكد استشاري الطب النفسي الدكتور علي الزائري لـ«الوطن» أن قروبات التواصل الاجتماعي لا تخلو في الغالب من شخصيات مضطربة، ولا يشعر كثيرون من الأعضاء باضطرابها، وهم إما زملاء عمل، أو جيران، أو أشخاص تتم مقابلتهم في الأماكن العامة، أو أعضاء في فرق أو لجان، أو أعضاء في مجموعة تجمعها روابط صداقة أو عمل أو قرابة.

وأشار إلى أن كثيرا من هذه الشخصيات غير مشخصة بأنها مضطربة الشخصية، لعدم الكشف عليها طبيا، مبينا أن من يقومون بتصرفات من قبيل تصوير محادثات القروبات وتسريبها إلى هذه الشخصية أو تلك، أو إلى هذه الجهة أو تلك لا يعدون أسوياء بنسبة كاملة، بل هم يعانون خللا كليا أو جزئيا في طريقة التفكير، والنظر إلى الأمور، وتحليل المواقف.

7 اضطرابات

أشار الزائري إلى أنواع من اضطرابات الشخصية، من بينها اضطراب الشخصية الشكاكة، وهي شخصية تشك في كل شيء، وتشعر دوما بأن ثمة مؤامرة تحاك ضدها، وهي عادة تحب الشكوى، واقتناص الأدلة، والبحث عن قضية، والبحث عن شكاوى ضد الآخرين، لينالوا عقابهم.

وهناك اضطراب الشخصية الوسواسية، وكذلك اضطراب الشخصية المثالية التي تريد كل شيء مثاليا، وترفض وجود الأخطاء حتى لو عن طريق المزاح أو العمد، وهناك اضطراب الشخصية شبه الانفصامية، واضطراب الشخصية غريبة الأطوار، واضطراب الشخصية القلقة، واضطراب الشخصية المكتئبة.

وأضاف: «هناك مريض غير مُشخص موجود في مكان ما، وهؤلاء الأشخاص والشخصيات تكثر مشكلاتهم، والمشكلات التي يسببونها للآخرين».

مساعدة طبية

شدد الزائري على أن هؤلاء الأشخاص المضطربين يحتاجون إلى مساعدة طبية نفسية، مطالبا مديري القروبات عند إنشائها بوضع لائحة، لتحديد المقبولين من عدمهم، والبُعد عن الإساءات المباشرة، وعدم استخدام المواد المعروضة بها في الإساءة للأشخاص والمجتمع، واحترام حقوق الأشخاص، مشيرا إلى أنه «إذا وجد شخص مؤذ وغير ملتزم بأنظمة القروب فيجب نصحه، أو التخلص منه مباشرة».

حس طبي

استشهد الزائري بحادثة مقتل معلمين على يد زميلهم في محافظة الدائر بجازان قبل سنوات، حيث إنه عند الرجوع لمحادثاتهم في القروب الخاص بهم وجد نمط الشك فيه، وإن زملاءه كانوا يقولون عنه إنه غير طبيعي، ويشكك دائما في الكلام، ويقول كلمات عجيبة، واستغراب البقية من ردة فعله التي انتهت بجريمة مأساوية، حيث تبين أن هذا الشخص كان يعاني مرضا نفسيا لم يتم تشخيصه بالوقت المناسب.

وأكد استشاري الطب النفسي أنه يجب أن يكون لدينا حس طبي أو نفسي، وثقافة عالية، بحيث إذا صادفنا شخصا غريب الأطوار في كلامه وأسلوبه وتصرفاته ننتبه إلى أن كل هذه الأشياء تشير إلى أنه ليس بخير أو أنه غير طبيعي، وهنا علينا التساؤل ما إن مريضا، ويحتاج أن نبحث عن سبيل لعلاجه إذا استدعى الأمر؟.

نفاق اجتماعي

أكد الناشط الاجتماعي نبيل العريشي أنه فوجئ كثيرا من تصوير ونقل محادثاته إلى قروبات أخرى، مشيرا إلى أنها تسببت في إحراجات كبيرة له بعد اكتشافه لذلك، واللافت، حسب قوله، أن «مَن نقلها هم من أعز الأصدقاء».

وبيّن أن هذا الفعل «مشين»، ويدخل في ظاهرة «النفاق الاجتماعي»، إلى جانب وصفه بصفة «النميمة» التي حذر منها الدين الإسلامي، وتسببه في كثير من البغضاء والشحناء بين الأصدقاء. ناهيك عن فقدان الثقة، والخسائر الفادحة على مستوى الصداقة والزمالة والعمل.

وأضاف: «أضطررت نتيجة هذا الأمر إلى الخروج من عدد من القروبات من باب شراء راحة دماغي».

اضطرابات تصنف الشخصيات بـ:

الشكاكة

الوسواسية

المثالية

شبه الانفصامية

غريبة الأطوار

قلقة

مكتئبة