جودة البنية التحتية للمنشأة المدرسية أو المؤسسة التعليمية بصفة العموم تعد من أحد المرتكزات الرئيسة لنجاح العملية التعليمية وتقدمها، ويتضمن ذلك صلاحية المبنى ومناسبته لفعاليات التعليم المنهجية واللاصفية، ومدى توفر المرفقات والخدمات المطلوبة نوعاً وكماً، بمستوى يناسب تطلعاتنا وأهدافنا التنموية، ويشمل ذلك الجانب الإنشائي والتقني والمعرفي بكل أدواته.
تحديث المناهج وتجديد محتواها، بما يناسب تحقيق أهدافنا الوطنية ورؤيتنا التربوية ، يُمكّن من التقارب بل والتنافس مع التطور والتقدم المعرفي الذي يعيشه العالم، وهذا من المرتكزات الرئيسة لنجاح العملية التعليمية بما يحقق تطلعاتنا ومساعينا نحو الارتقاء بجودة التعليم. أما الجهاز الإداري المكلف بإدارة الشؤون المدرسية، فهو القاعدة التي تستند عليها المنشأة التعليمية.
تمكين المعلم المعرفي والمهاري يُعد من أساسيات المعايير المطلوبة لتَرشُحْه للمهنة، لكونه المرتكز الأكثر تأثيراً والأقوى فاعلية في بناء الطالب معرفيا وسلوكياً، وذلك يتطلب توفير البيئة التعليمية المناسبة، سواء على مستوى الفصل بمكوناته وسعته أو عدد الطلاب في كل فصل أو نصابه من التدريس، أو مدى ممارسته للمهنة ومستوى شغفه بها بل ودرجة كفاءته في الأداء بناءً على تقييم المشرفين التربويين ورضا الطلاب عنه، بما يتطلب قياسا شفافا نزيها ومتابعة مستمرة لتقييم مستوى المعلم، ويرتبط بذلك اهتمامه بالتطوير وما يتلقاه من دورات تدريبية مستمرة لتطوير الأداء وتحسينه بما يتوافق ومتطلبات العصر والتنمية.
بالإشارة إلى توجه وزارة التعليم نحو مشاركة جميع منسوبي المؤسسة التعليمية في العملية التعليمية في حالة الحاجة إلى سد العجز في عدد المعلمين المتاحين في المدرسة، أو بالانتداب لغيرها من المدارس التي بها عجز على ألا يزيد نصابه على 16 حصة فأكثر؛ فإن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة؛ هل جميع منسوبي المؤسسة التعليمية صالحون وقادرون على أداء العملية التعليمية بما يحقق جودتها؟! وهل تخليهم أو إشغالهم بمسؤوليات أخرى مع مسؤولياتهم الرئيسة سيحقق جودة في العطاء؟! أم إن ذلك ستكون له نتائجه السلبية على جميع المسؤوليات المشتركة! وهل ارتفاع عدد الطلاب في الفصول ينعكس إيجاباً على مستوى وقدرة متابعة المعلم لطلابه؟ أم إن ذلك يحول دون قدرته على احتواء طلابه ومتابعة أدائهم وتطويرهم!
يظل التساؤل الأهم في ذلك التوجه، هل نعاني من عجز في مخرجاتنا التعليمية والتربوية بما لا يسد حاجة الأعداد المطلوبة من المعلمين؟! أم إن هناك مئات الآلاف من المتخرجين المتميزين الذين ينتظرون تمكينهم من وظائف تناسب تعليمهم ومستوى تأهيلهم! لماذا لا يكون الاهتمام بتأهيل المتخرجين المتميزين وتدريبهم للعملية التعليمية كموارد بشرية تُضاف للتعليم وبمتطلباته التطويرية، بدلاً من مضاعفة الضغط على المعلمين الموجودين بما ينعكس سلباً على جودة الأداء! ولماذا يكون التصريح بعزم الوزارة طرح الوظائف التعليمية بنظام التعاقد الرسمي متأخراً، مقارنة بسياستها المعلنة نحو تنفيذ مشاركة جميع منسوبي المدرسة في العملية التعليمية؟! ألا يؤثر ذلك على جودة الأداء في العملية التعليمية بكامل محتواها ومسؤولياتها؟!
تستأثر وزارة التعليم بأكبر حصة من ميزانية الدولة المخصصة لقطاعاتها المختلفة، وذلك فيه إدراك واستيعاب لحجم النفقات المطلوبة لتطوير التعليم وتجويده، ويعززه إيمان وثقة عميقة بأهمية التعليم للتنمية المستدامة، وأن التعليم يمثل القاعدة الرئيسة التي تنطلق منها التنمية الوطنية الحقيقية، التي أثبتتها التجارب العالمية الناجحة، وذلك عبر مخرجات متمكنة وقادرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية في جميع القطاعات والمستويات المهنية المطلوبة بما ينعكس على تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة.
جودة التعليم تتحقق بتمكين المعلم واستمرارية تدريبه بمستجدات التعليم الحديث وفق نظرياته التربوية الحديثة الناجحة، ووفق متطلبات عصر المعرفة والتحول الرقمي الذي أصبح مسيطراً على معظم التعاملات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية. وعليه فإن إعداد المعلم وتدريبه المتتابع مطلوب وبقوة للترشح لتلك المهنة المشرفة والمؤثرة في مستوى مخرجاتنا التعليمية، باعتبار أن المعلم هو المحرك الفاعل لمحتوى المناهج في الفصل، وهو الذي يقدم إضافته التربوية وقدراته المهارية والمعرفية لطلابه، ومن خلاله تتشكل عقول الطلاب وتبنى مهاراتهم وتنمى قدراتهم الخاصة.
تحسين التعليم وتطوير مكوناته لا ينعكس فقط على جودة المخرجات وتميزها وقدرتها على تحمل مسؤولياتها الوطنية، وإنما يسهم بدرجة كبيرة في معالجة ما نواجهه من تحديات تنموية تتعلق بالتوظيف والتدريب عبر مخرجات متمكنة تدرك طبيعة المسؤوليات المطلوبة منها وتستوعب دورها في المشاركة في التنمية الوطنية المستهدفة بما يحقق أهدافنا الإستراتيجية المنظورة.