باختصار هذا حدث يومي متكرر في جميع مدن ومحافظات المملكة وحتى قراها، بطلته ما هي إلا شاحنة جمع النفايات حين تؤدي أعمالها اليومية المعتادة، في مشهد مقزز نجبر على مشاهدته واستنشاق روائحه يوميا، كون تلك الشاحنات تعود ملكيتها لشركات متعاقدة، كل همها جمع أكبر قدر ممكن من الأموال، مع الامتناع عن تقديم أقل معدلات النتائج المرجوة من تلك العقود. فإن كانت المحافظة على نظافة وصحة البيئة هي الهدف الأساس من ذلك العقد، فهذه الشاحنات بهذا المظهر وهذه الرائحة، هي خطر بحد ذاته على البيئة.
السؤال هنا ليس لعامل التشغيل بهذه الشركة، ولا حتى لرئيس مجلس إدارتها، بل لوكالة وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان للصحة العامة، إذ إن من ضمن الإدارات العامة التابعة لها كل من (الإدارة العامة لحماية البيئة، الإدارة العامة للإصحاح البيئي، الإدارة العامة للنظافة)، فبكل هذه الإدارات والمسميات هل وضعت أي منها مواصفات صارمة لتشغيل شاحنات نقل النفايات العامة من المنازل والأماكن الخدمية؟ هل هناك اشتراطات بغسل يومي لتلك الشاحنات قبل خروجها للعمل؟ هل هناك آلية يجب التقيد بها من قبل العمالة المشغلين لتلك الشاحنة، لحجب النفايات عن العامة؟ أليست هذه المشاهد تتخطى مرحلة التشوه البصري إلى تقزز النفس البشرية واشمئزازها؟ هل هناك اشتراطات للطلاء الخارجي لتلك الشاحنات، كأن يكون مغطى بمادة جيلاتينية -على سبيل المثال- تجعلها غير قابلة لتراكم الأوساخ وتزيلها بسهولة أثناء غسلها؟ وأخيرا هل فكرت كل تلك الإدارات بصحة وسلامة الجهاز التنفسي للعمالة المشغلة لتلك الشاحنات قبل بقية المجتمع؟
أسئلة كثيرة ولكنها ليست مستحيلة التحقيق، خصوصا مع مبالغ العقود الضخمة التي تتحصل عليها شركات التعاقد تلك، فقبل أن تنظر الشركات للخطر الذي تشكله الروائح المنبعثة من النفايات في حال تركها، والطريقة الصحية التي تتخلص بها منها، لحماية البيئة، عليها (حماية البيئة من شاحنات البيئة).