فمنذ العام التاسع للهجرة، العام الذي فُرض فيه الحج على الناس، تعطلت فريضة الحج لنحو 40 مرة. وبحسب التاريخ الإسلامي فإن القرامطة كانو السبب في تعطل موسم الحج للمرة الأولى. ففي أحداث سنة 316 هجرية غاب الحجاج عن مكة بسبب خوفهم من القرامطة.
ويذكر المؤرخون أن أبو طاهر القرمطى، وقف وقتها، منشدًا على باب الكعبة يوم الثامن من ذي الحجة سنة 317 هجرية، ليدعو سيوف أتباعه الى أن تحصد حجاج بيت الله قتلاً ونهبًا وسفكًا، فى الوقت الذي كان يشرف هو بنفسه على هذه المجزرة المروِّعة وينادى على أصحابه ليأمرهم بقتل الحجاج واقتلاع الحجر الأسود.
ويشير التاريخ الإسلامي إلى أن الحجاج في ذلك اليوم تشبّثوا بأستار الكعبة، لكن سيوف القرامطة أصابتهم من كل جانب، واختلطت دماؤهم بأستار الكعبة، حتى زاد عدد من قتل فى هذه المجزرة عن 30 ألفا، دفنوا فى مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة.
كما خلع القرامطة الحجر الأسود من مكانه وحملوه معهم إلى مقرهم في "هجر"، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم. وقد تعطل الحج فى تلك الأعوام (يقال إنها 10 أعوام)، فلم يقف أحد على صعيد عرفة ولم تُؤدَّ المناسك.
داء الماشري والطاعون
أما الحادث الثاني، فيعود الى سنة 357 هجرية، عندما انتشر وباء عُرف باسم "داء الماشري" في مكة المكرمة. ما أدى الى وفاة أعداد كثيرة من الخلق. حيث أدى الوباء إلى نفوق جمال الحجيج في الطريق بسبب العطش ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، لا بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج.
وفي عام 1814م، مات نحو ثمانية آلاف شخص من جراء تفشي الطاعون في بلاد الحجاز، ما أدى إلى توقف الحج في سنة الطاعون. كذلك في عام 1831م، تفشى وباء مصدره الهند خلال موسم الحج، ومات بسببه كثير من الحجاج، وشهدت مواسم الحج حتى عام 1840م مواسم متقطعة لتفشي الوباء، وكذلك في الفترة من عام 1846 إلى عام 1850م.
الغلاء
أيضا، أدت شدة الغلاء إلى اضطراب الحج في سنة 390 هجرية حيث انقطع الحاج المصري في عهد العزيز بالله الفاطمي لشدة الغلاء، وفي سنة 419 هجرية لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل مصر، وفي سنة 421 هجرية تعطل الحج أيضا ما عدا البعض من أهل العراق الذين ركبوا من جمال البادية من الأعراب ففازوا بالحج، وفي سنة 430 لم يحج أحد من العراق وخراسان، ولا من أهل الشام ولا مصر.
تاريخنا الحديث
وفي تاريخنا الحديث، دفع انتشار جائحة "كوفيد – 19" العالمية في عام 2020 المملكة العربية السعودية، وعلى مدى عامين، إلى إلغاء الحج للوافدين من خارج المملكة واقتصاره على المواطنين والمقيمين بأعداد محددة، وذلك حرصًا من المملكة على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًا وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية.
تعددت الأسباب القاهرة التي أدت إلى ايقاف موسم الحج، ما أثار حزن الملايين من المسلمين في جميع أنحاء العالم، الذين دائما يتطلعون الى أداء فريضة الحج حيث تتشوق الأنفس إلى بيت الله الحرام وتصيخ الأسماع إلى ذكراه.