لم يكن "حسام تمام" مجرد محلل أو خبير عادي في تحليل جماعات "الإسلام السياسي/ الحركي"، بل على العكس تماماً حيث تصنفه الدوائرالبحثية المصرية أو العربية أو الغربية بأنه "أفلاطون تشريح الجماعات الإسلامية"، من خلال أدبياته وأفكاره في رسم خارطة "مكونات الفصائل الإسلامية" من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار الإسلامي في المشرق والمغرب.

لم يترك تمام حتى وهو على فراش مرضه الأخير"التحليل السياسي" وهو يضع بصمات آخر كتبه حول الطرق والحركات الإسلامية قبل رحيله الأربعاء الماضي بسبب السرطان.

كان متميزا في التنقيب والبحث والتحليل العميق لظاهرة الإسلاميين من خلال أبحاثه السياسية ومن خلال الندوات التي كان يمتاز فيها "بالحضور الكاريزمي" التحليلي.

اهتم كثيراً بالحالة الإسلامية السعودية، من خلال الرصد التحليلي والاستشراف المستقبلي لها، وكان "للوطن" النصيب الأكبر إن لم تكن الوحيدة في تحليله "لتراجع عمليات تنظيم القاعدة" بسبب الضربات الأمنية السعودية، يومها قال لنا :"إن انتقال عناصر التنظيم إلى اليمن من السعودية، وكل العمليات الفردية التي قاموا بها من أجل زعزعة الأمن القومي السعودي الداخلي، والتي أصابها الفشل، إن هدف كل ذلك هو أن التنظيم خسر كثيراً ويريد من ذلك فقط الوهج الإعلامي لا أكثر".

تمام شجع كثيراً الباحثين السعوديين في مسألة رسم خارطة التيار الإسلامي السعودي لأنه كان يعلم أن خزائن كثيرة يمكن اكتشافها عن تلك الحالة التي برزت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

"الإخوان المسلمون" كانوا على قائمة اهتمامات تمام في تناول الجماعة ومفرداتها السياسية حتى وصل بهم إلى الحال إلى إبراز غضبهم من "حدة تشريحه الفكري لهم".

مقالات تمام كانت على موعد مع الاهتمام الغربي، فكان يعاد نشرها مترجمة في الصحافة الأميركية والفرنسية والغربية عموماً، لم تكن دراسات تمام محصورة في الإقليم العربي، بل كان ابن بطوطة في ترحاله لدراسة ظاهرة الإسلام المهاجر في أوروبا التي نالت حظاً ليس باليسير من تحليلاته الجريئة لمستقبل الإسلام الأوروبي وطبيعة تكوينه المختلفة عن أدبيات الإسلام الحركي العربي.

كان اهتمام دوائر البحث الغربية والعربية عموماً محل "نظر" لكل ما كان يكتبه الباحث حسام تمام، لأنه كان يعطي المدلول الفكري للتحليل السياسي بعداً أو خلطة سرية مختلفة تماماً عن كل من كتب في تحليل تلك الظاهرة.

الحلم الذي راود تمام هو إنشاء مرصد عالمي يكون هو المرجع الأول لدراسة الحركات الإسلامية على مستوى العالم وكان موقع "الإسلاميون.نت"، الذي يعد امتدادا لـ"مرصد دراسات الظاهرة الإسلامية" الذي أطلقه حسام تمام في عام 2005، قد انطلق في إصداره الأول ضمن شبكة "إسلام أون لاين.نت"في بداية 2009، لكنه توقف في عام 2010 مع أزمة نقل الشبكة إلى العاصمة القطرية الدوحة.

أعاد مجددا إطلاق أشهر موقع متخصص في دراسة الطرق الصوفية والحركات الإسلامية.

ولفت تمام الانتباه إلى أن أهمية إطلاق الموقع ترجع إلى تفرده في دراسة مكونات العمل الإسلامي ومفردات الظاهرة الإسلامية، لهذا كان لابد من وضع هذه الحالة تحت المجهر ورصد أطوارها المتتابعة والمتلاحقة وكشف نموها، مؤكدا على أن "الإسلاميون" هو بوابة عربية مستقلة لدراسة الطرق الصوفية ومختلف الأحزاب والحركات الإسلامية. وكان يهدف من الموقع إلى تأسيس منبر علمي يقدم ويوفر للباحثين والمهتمين دراسات وأبحاث ومقالات لها أهمية.

رحل تمام عن عمر يناهز 38 عاماً، إلا أن خدماته البحثية الكبيرة كانت تتجاوز حقيقة هذا العمر.