نشأت هيئة المحامين وفقا لنصوص قانون يُنظم أهدافها ورسالتها ورؤيتها، بما يخدم قطاع المحاماة والاستشارات القانونية، ويرفع مستوى الممارسة المهنية، ويضمن كل ما يخدم القطاع وتوعية المجتمع في الجانب الحقوقي والقانوني، منطلقة من صيانة نصوص القانون، والمحافظة على سيادته.

ومن هنا، وبعد سبر نصوص تنظيم الهيئة السعودية للمحامين، الصادر بموجب قرار مجلس الوزراء رقم «317» بتاريخ 8 / 7 / 1436، الموافق 27 / 4 / 2015، فيما يتعلق بأعمال الأمانة العامة للهيئة، ومركزها القانوني ضمن الهيكل التنظيمي المعتمد من قِبل الجمعية العمومية بتوصية من مجلس إدارة هيئة المحامين، نجد أن نصوص قانون تنظيم الهيئة حددت الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بالأمانة العامة، وضوابط تعيين الأمين العام للهيئة وفقا لما تحدده اللوائح، وقواعد الإطار العام لحوكمة الهيئة، بما يتوافق مع نظام المحاماة ولائحته التنفيذية.

كما نجد أن المادة الخامسة عشرة من تنظيم الهيئة نصت على أنه «يكون للهيئة أمين عام، وأمين مساعد واحد أو أكثر، يعينهم المجلس، ويحدد واجباتهم ومسؤولياتهم، ويتعين عليهم التفرغ للعمل بالهيئة». وبهذا، فإن ما نريد تناوله، وفقا لنص المادة، أمرين: أولهما وجوب أن يكون للهيئة أمين عام، وثانيهما وجوب تفرغ الأمين العام ومساعديه للعمل بالهيئة. ومن ثم، وتطبيقا للقانون، نجد أن منصب الأمين العام المنصوص عليه لم يعد موجودا ضمن الهيكل التنظيمي لهيئة المحامين!، وتم استحداث وظيفة أخرى بمسمى «المشرف العام على الأمانة العامة للهيئة السعودية للمحامين»!!. وهنا نتساءل عن كيفية استحداث هذه الوظيفة؟ وما هي المسؤوليات والواجبات المناطة بهذه الوظيفة؟ وهل تختلف هذه الوظيفة عن وظيفة الأمين العام المنصوص عليها قانونا؟.


كما أن القانون أوجب التفرغ للعمل بالهيئة لمن يُعين أمينا عاما أو مساعدا للأمين العام، وهنا نجد أن الهيئة تخالف ذلك صراحة، وتخالف كذلك نص الفقرة الأولى بالمادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة في سابقة غريبة، فكيف لكيان مستقل معني بالمحافظة على القانون وسيادته والرقابة على ذلك أن يتخذ مثل هذه الإجراءات بتمكين المشرف العام على الأمانة العامة لهيئة المحامين من الجمع ما بين مزاولة مهنة المحاماة والوظيفة؟!. وهنا نتساءل أيضا: لماذا تُخالف هيئة المحامين القانون؟ وهل القانون يُطبق على فئة دون أخرى؟ وهل أصبح القانون انتقائيا؟.

كما نتساءل: لماذا تُخالف لجنة قيد وقبول المحامين في الإدارة العامة للمحاماة بوزارة العدل نظام المحاماة ولائحته التنفيذية بالترخيص لمن جمع بين مزاولة مهنة المحاماة والوظيفة؟ بغض النظر عن رأينا القانوني في هذا الجانب.

إن مبادئ الحوكمة في القطاع العام والقطاع الخاص واجبة التطبيق، وذلك تحقيقا لمبدأ الشفافية، وعدم تضارب المصالح، والحد من كل ممارسات الفساد الإداري والمالي بما شرعته القوانين، حتى تكون هناك نتيجة حقيقية للوصول لأفضل الممارسات التي تضمن أداء هيئة المحامين، بما يخدم مصلحة قطاع المحاماة والاستشارات القانونية. لذلك، نتمنى أن توضح الهيئة السعودية للمحامين ولجنة قيد وقبول المحامين في وزارة العدل رأيهما في كل ما طرح من تساؤلات.