وفي برنامج ما وراء الخبر، على قناة الجزيرة، يجد المشاهد نفسه أمام العديد من الأسئلة حول ما وراء وراء الخبر. ففي حلقة مطلع الأسبوع. استضاف البرنامج كلا من المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات السابق في القاهرة، مقابل عصام سلطان عضو مجلس الشعب المصري. الحلقة كانت لنقاش أوضاع القضاء في مصر ـ كما تبدو ـ غير أنها لم تكن كذلك في حقيقتها، كما أعتقد.
ويتجلى ذلك البعد الآخر لما وراء الخبر، في موقف المذيع التونسي حبيب الغريبي، الذي طالما حرص على الحضور المتزن، العقلاني، الذي لا يخرق الاحترافية أو المهنية، حين فوجئ بهدوء الضيفين وتعقلهما في التعاطي مع محاور النقاش، لينفجر في وجهيهما قائلا " أنتما تبدوان كما لو أنكما سمن على عسل"!
قالها المذيع التونسي "الجزيري" بغضبة وحنق بالغين جدا، ليثير بهذا الموقف العديد من الأسئلة في رأس المشاهد، الذي يستغرب بطبيعة الحال، هذا الموقف من ضيفين كل ذنبهما هو أنهما كانا "سمن على عسل"!
ما المزعج في الأمر بالنسبة للجزيرة أو مذيعها في كون اثنين من الضيوف على أحد برامجها لم يكونا أعداء، ولم يتشاجرا على الهواء مباشرة، ولم يرش أحدهما الآخر بما في كوبه من ماء أو مشروب ساخن!؟
لماذا يشعر أي مشاهد لتلك الحلقة، أن برامج الجزيرة لا تبحث عن النجاح إلا من خلال استضافتها لشخصيتين ليستا سمنا على عسل!؟ هل أصبح "الاتجاه المعاكس" وما فيه من "معارك طاحنة بلا طحين" مدرسة تتبعها الجزيرة في كافة برامجها؟ هل تحول فيصل القاسم إلى مذهب تعتنقه الجزيرة ببرامجها وإعلامييها كافة؟
أمر مثير للغرابة حقا، أن يُستفز مذيع من ضيفين لأنهما لم يتشاجرا أمام الخلق. أليست الإثارة من أجل الإثارة إفلاس؟ ألا تضيع المعلومة في صراخ المتخاصمين على الهواء مباشرة؟ فلماذا إذن تعتنق الجزيرة هذا النهج، الذي من شأنه وضع المشاهدين الكرام أمام "وراء" خفي ، لما وراء كل الأخبار والبرامج التي تقدمها الجزيرة!.