في وقت عاقبت فيه المحكمة الجزائية بالمدينة المنورة أخيرًا سيدة وألزمتها بدفع غرامة مالية قدرها 1000 ريال لمخالفتها نظام حماية الطفل من الإيذاء بعد الحكم عليها بتعريض ابنها القاصر الذي لم يبلغ السن النظامي للقيادة للخطر والإهمال بسماحها له بقيادة سيارتها الخاصة في حي سكني، حذر مختصون في التربية من الإسراف في تدليل الأطفال وتدليعهم عبر تلبية رغباتهم وشراء رضائهم حتى لو كان ذلك على حساب سلامتهم.

وشدد هؤلاء المختصون على ضرورة تثقيف الآباء والأمهات بتربية الأطفال بعيدًا عن الأخطار من خلال ضبط عواطفهم وتجنيبهم المبالغة في الدلال الذي يسهم بإيذاء أطفالهم أو يسبب لهم الانحرافات خصوصًا مع غياب الرقابة والانضباط في التربية.

عواطف خطرة


يبالغ بعض الآباء بعواطفهم تجاه أطفالهم ويلبون مطالبهم ورغباتهم، وينظرون للأمر على أنه دليل حب وحنان ويخطئون بإعطاء الحرية الكاملة للصغار إلى حد يقربهم من الخطر، وهو ما يعمل نظام حماية الطفل على الحد منه.

وتكررت حوادث إهمال الأطفال من قبل الوالدين، تحت مسمى «الدلال» ففي حادثة أخرى تعرض أب للمساءلة بسبب إحضاره ألعابًا نارية لأبنائه الصغار تسببت في إصابة أحدهم.

وأحيل الأب إلى الجهات الأمنية، ووجد نفسه عرضة لمخالفة مواد حماية الطفل التي تجرّم فعله وتعدّه من قبيل الإهمال المجرّم وفق النظام في المملكة.

وفي حادثة ثالثة، تتبعت الجهات الأمنية مقطعا مصورا ظهر في مواقع التواصل الاجتماعي لطفل يستخدم سلاحًا ناريًا في إحدى المناسبات المجتمعية.

ولم يسلم والد الطفل من المحاسبة حيث أحيل للمحاكم لتطبيق أنظمة حماية الطفل ونظام الأسلحة والذخائر بحقه، حيث وجد مسؤولًا عن مخالفة نظام حماية الطفل من الإيذاء بفعله الذي كان يظن أنه من قبيل التدريب والرفاهية.

حماية الطفل

وضع نظام حماية الطفل حدًّا للدلال الفائض للأبناء، وصنف بعض التصرفات التي تأتي في هذا الإطار من قبيل الإهمال الموجب للعقوبة.

وتصل إلى المحاكم الجزائية في المملكة عدد من القضايا التي تطالب فيها النيابة العامة بحماية الأطفال من آبائهم الذين يدللونهم لدرجة الإهمال الضار.

وأكدت استشارية طب الأسرة منى العوفي أن «الحب والحنان لا يتعارضان مع التعامل بجدية مع طلبات الأطفال بوسطية واعتدال، كما أن حب الأبناء يستدعي من الآباء تعليمهم السلوك الصحيح بعيدًا عن الأخطار».

وأشارت إلى أن بعض تصرفات أولياء الأمور تصدر بدافع الدلال المفرط حيث يغضون الطرف أحيانًا عن بعض تصرفات الأطفال السلبية والخطرة، وقالت «علينا أن ندرك أن أطفالنا قادرون على أن يكونوا سعداء دون أن نغامر بهم، ويجب ألا نسمح لهم ببعض الممارسات التي لا تتوافق مع أعمارهم».

لا الضرورية

يؤكد استشاري طب الصحة النفسية محمد الحربي أن «من ضروريات التربية وحماية الطفل أن نفعّل كلمة «لا»».

وحذر الآباء من الإفراط في التراخي والانصياع لرغبات الأطفال الخطرة، لأن هذا يعد نوعًا من الدلال المبالغ فيه، والذي قد يوقع الطفل في عدد من المشاكل الصحية والنفسية.

وقال «هناك آباء تدفعهم العاطفة ويفشلون في تربية أبنائهم بسبب الدلال المفرط، ويجب أن يتم الانتباه لما يُزرع في الطفل، إذ يجب أن ينشأ على السلوك المعزز للسلامة وتحمل المسؤولية وتشجيعه على التقيد بالأنظمة، وعلى الوالدين تدليل أطفالهم بوسطية واعتدال فلا يكون الإهمال والحرمان ولا يصل لحد التدليل الضار».

فعالية النظام

بدوره، أكد أخصائي الخدمة الاجتماعية فارس فيصل العوفي أن الطفل في نظام حماية الطفل من الإيذاء هو من لم يتجاوز سن الثامنة عشرة، وهذا يتناسب مع السن القانونية في معظم دول العالم.

وأشار إلى أنه من خلال اطلاعه على كثير من القضايا التي تصل إلى المحاكم الجزائية أثبت نظام حماية الطفل فعاليته في حماية الأطفال من الإيذاء كونهم من الفئات التي تحتاج دائمًا للحماية والرعاية والاهتمام، إضافة إلى أن يضع الجهات الرسمية والأفراد أمام مسؤوليتهم النظامية لحماية ورعاية الأطفال في المملكة.