بعد فشل الاستعمار العسكري والذي قاده الغرب للسيطرة على المجتمعات والشعوب، بدأت مرحلة أخرى من مراحل الاستعمار وهي مرحلة (الاستعمار الفكري) والتي تعد أكثر خطورة وأكبر ضررا.

إن دول الغرب تسعى حاليا إلى فرض وصايتها على المجتمعات من خلال تغيير القيم والثوابت والأفكار والمعتقدات التي تسود تلك المجتمعات، ويتم هذا التغيير من خلال شعارات ومواثيق ظاهرها العدالة والمساواة وباطنها إضعاف المجتمعات ودفعها للتخلي عن جوهرها ومصادر قوتها. إن منظمة حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الدولية تثبت يوما بعد يوم أن الهدف من وجودها هو إضعاف الدول ومحاولة تأليب الشعوب على الحكومات وخلق بيئة مناسبة للفوضى.

إن تلك المنظمات تبدأ بوضع اتفاقيات معينة وبعد التوقيع عليها تبدأ في ممارسة الضغوط لجعل تلك الاتفاقيات هي المراجع الشرعية والنظامية لتلك المجتمعات. كما أن الثقافات العربية والهندية والصينية هي ثقافات تمتد لآلاف السنين ومن الصعب التخلي عن هذا الموروث أو التفريط فيه.


إن تلك المواثيق والتي تتعارض في مجملها مع الفطرة الإنسانية تجعل من الصعوبة تقبلها والعمل بها في المجتمعات السوية. الدعوة إلى الحرية الجنسية واختيار الجنس، والسماح بممارسة الشذوذ والتضييق على الزواج، هي من الأمور التي تؤدي إلى تفكيك المجتمعات وهدمها من الداخل.

كذلك بعض الأفكضار التي انتشرت منذ الستينات كان الهدف منها تغيير النسيج الاجتماعي والثقافي بدعوى المساواة المطلقة بين الجنسين، والتي انعكست في بعض المجتمعات إلى عداء وصراع بين الرجال والنساء، فارتفعت معدلات الطلاق والتفكك الأسري. إن من أخطر الأمور التي يتم الترويج لها هو إلغاء فطرة الله التي خلق الناس عليها من ذكر وأنثى، والمطالبة بتحقيق المساواة واختيار الجنس ومنذ مرحلة الطفولة مع حرية احتراف الحياة المثلية.

ونجد مثل هذه الأفكار يتم تبنيها والترويج لها من قبل منظمات دولية معظمها يعمل تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة.

ويتم العمل على استهداف المجتمعات من خلال إلغاء مفهوم الأسرة والتربية والتنشئة السليمة، ومن خلال استغلال التعليم لتمرير مثل هذه الأفكار لعقول الأطفال، ومن خلال استغلال الإعلام للترويج والتسويق من خلال المسلسلات والأفلام والتي تتبني هذا الفكر وشرعنته على نطاق الأفراد والأسرة.

وتيرة العمل لإفساد المجتمعات المحافظة تزداد وذلك من خلال استهداف الأدوار النمطية للأب والأم والابن والبنت، مع محاولة نشر الشذوذ الأخلاقي، من خلال حملات ما يسمى مكافحة رهاب المثلية، والتي ليست إلا إحدى الأمثلة الكبيرة التي يعمل بها للقضاء على سلامة المجتمعات، واستئصال الثوابت الأخلاقية والدينية.

إن محاولة الضغط على المجتمعات وعدم السماح لها بإبداء تحفظاتها واعتراضاتها على تلك البنود يتعارض تماما مع شعارات حرية الرأي وتنوع الثقافات.

وأخيرا المجتمعات المحافظة وتلك التي تعتز بتاريخها وقيمها وموروثها ستواجه حملات تشهير وأكاذيب من تلك المنظمات ومن يقف خلفها، وتظل الثقة كبيرة في قدرة ومعرفة هذه المجتمعات بالمخاطر التي تحيط بها.