ُرى لو أن وزارة التربية والتعليم استجابت لحملة الضغط لإلغاء تدريس المعلمات للطلاب الذكور في المراحل الأولى الابتدائية، هل تلام الوزارة؟ بكل تأكيد لو جاءها المطالبون بمشاركة المرأة والداعون لحقوق الإنسان واتهموها بأنها خذلتهم، سوف تنهال عليهم بكم هائل من الأسئلة: أين أنتم عندما اجتمع المعارضون.. أين كان صوتكم.. لماذا لم تعلنوا عنه؟ هل تظنون أن مقالاً واحداً كان كافياً لتدعيم مشروع تطوير التعليم الابتدائي؟
لابد من الاعتراف أننا نعيش أمام تيارين متعارضين تجاه القضايا التي يدور حولها الجدل الآن في مجتمعنا. تيار معارض لمشاركة المرأة في الحياة، لا يريد أن يعطيها أبسط الحقوق التي تمارسها أختها في بقية المجتمعات العربية المحافظة. هذا التيار هو الظاهر على السطح لأنه يرفع صوته ويعبر عن مطالبه. أما التيار الثاني فهو يدافع عن حقوق المرأة ويريد أن يؤمن مستقبل بناته بأنظمة وقواعد تحمي تواجدهن في بيئة العمل الآمنة لهن. لكن رغم إيمانه بحتمية تغير الأحوال في المجتمع وضرورة مواجهته بفقه الواقع، إلا أن صوته منخفض.. ولا يسعى للتعبير عنه أو أنه لا يملك القدرة على أن يكون له صوت.
من الواضح أن المشكلة تكمن في الصامتين. حيث يمكن قياس موقف التيارين من قضية تعيين معلمات لطلاب المرحلة الابتدائية الأولى على حزمة أخرى من القضايا. فالفئة المعارضة للتغيير هي التي تتحرك وترفع صوتها.. وتسعى لفرضه أيضاً. وتستخدم وسائل متعددة مثل التجمع والتحدث باسم الدين فتظهر نفسها أنها مجموعات ضاغطة، وتؤكد في خطابها على نبرة التخويف من التغيير. أما الفئة المؤيدة، فرغم ما يقال أنها تشكل الأغلبية في المجتمع، إلا أنها تظل صامتة لأنها متفرقة ولا تملك الوسائل. حيث تعبر عن مطالبها بصور فردية محدودة لا يخرج صوتها عن المكان الذي يتحدثون فيه. لذلك ومن أجل هذا الصمت تتأخر مشاريع التطوير.
ومن الواضح أيضاً أن الحل يكمن في أيدي الصامتين. فلو أنهم رفعوا خطاباً يؤيدون فيه قرار وزارة التربية والتعليم، فإن الوزارة سوف ترى صورة التعدد كاملة أمامها ولن تستجيب للصوت الأحادي. بكل تأكيد يحتاج مثل هذا الخطاب أشياء كثيرة لدعمه مثل تفعيل مؤسسات المجتمع المدني والعمل بجماعية، لكن يسبق جميع هذه الخطوات إرسال خطابات التأييد لخادم الحرمين الشريفين لكل مشروع تطويري يصب في ترسيخ مفهوم التعددية.