تلك التحديات في بداية الأمر لن تلفت انتباهك لأنها غير مرئية من جهتك. انشغالك في إنجاز أهدافك المهنية السامية وسعيك في قياس أثرها على أرض الواقع وعمل ما يمكن من خطط التحسين والتطوير سيجعل التحديات أكثر غموضُا، وربما ليست مهمة بالنسبة لك، لكن مع مرور الوقت ستلاحظ انخفاضًا في طاقتك وشعورًا بالتعب، وستبدأ بربطها لا شعوريًا بطبيعة العمل.
وتشاء الأقدار ويتضح لك أن مجمل التحديات لا تعدو سوى عداوة ضدك في بيئة العمل ومن دون سبب منطقي، بعدها ستصيبك الدهشة لعدم تقبل بعض المحيطين حولك لتميزك وربما ستربط ذلك بصعوبة مجاراتهم لدقتك في إنجاز المهام. حينها ستدرك فعلاً إنك أمام مشكلة زميل غيور، ربما ستتفاجأ بأن ذلك الغيور هو زميل تبادله الاحترام وحسن الظن، وربما يكون من المقربين إليك كثيرًا.
الغيرة المهنية إن صح التعبير واردة بشكل عام، وتظل محمودة إذا حولها صاحبها لحافز يدفعه للإتقان في العمل وتطوير لمهاراته لاقتناص أي فرصة قادمة، في نفس الوقت تصبح الغيرة خطيرة على صاحبها إذا بدأ يشعر بالاكتئاب والإحباط أو تضمنت اعتداء على من حوله من الزملاء من خلال التجاوزات الأخلاقية كنصب المكائد والنميمة وتضخيم الأخطاء، وغيرها من الأساليب بهدف التقليل من شأنهم.
ولأن الغيرة العدوانية بالذات لها أثر سلبي على الطاقة الجسدية والنفسية لمن حول الشخص الغيور، وربما تخدش علاقات الزمالة الجيدة بين أعضاء الفريق الواحد، عليه فهناك عدة نصائح أشاركها معك للتعامل بذكاء مع سلوكيات الشخص الغيور في بيئة العمل على وجه الخصوص ومن أهمها ما يلي:
1- اطمئن وكن واعيًا بأن الاحترام والرقي وحسن الظن مع الغيور ولو من جهة واحدة يتيمة لا ينقص من قدرك شيئًا بل يزيد النفس تهذيبًا وثباتًا.
2- ركز طاقة ردة الفعل اتجاه سلوكيات الغيور في اتجاه الصمت والصبر وتقليل حدوثها قدر الإمكان، على سبيل المثال اعمل على توظيف المناسب من أساليب الاتصال، وشارك خبراتك مع زملاء العمل.
3- التفاعل مع التحديات تعبر عن شجاعتك ومسؤوليتك، ولكن تجنب مواجهة الشخصية الغيورة لأنك لست في معركة لها راية.
4- استثمر طاقتك في معركتك الكبرى مع ذاتك واجتهد في تقويمها.
لماذا لا ينبغي أن تؤثر غيرة الزميل على أدائك المهني؟
من منطلق الإقناع فإن الغيرة هي نتاج عدم الإحساس بالأمان، الأمر الذي يعني أنها مشكلة الغيور نفسه فقط وليس لها ارتباط بالآخر على أرض الواقع، أيضًا المحافظة على بريق الإيجابية في الحياة على وجه العموم، وصون مكتسبات رحلتك المهنية على وجه الخصوص هي عناصر تحقق رؤيتك المستقبلية وتستحق فعلاً التركيز عليها دون غيرها.
وعيك بمفاهيم السلوك التنظيمي يساعدك في استثمار مواقف الغيرة المهنية لصالحك، ويمكنك أيضًا من احتواء السلوكيات المرتبطة بها، تذكر دومًا أن مساعدة الشخص الغيور في التحول من التركيز على عمل الآخرين إلى بناء ذاته ومهاراته، والاستفادة من طاقته في مساعدة الآخرين تعتبر قمة الوعي بسلوكيات الأفراد.
ختامًا، أنت كاتب قصة حياتك المهنية، ومصمم للعديد من أحداثها، والخيار بين يديك في تجنيبها العديد من منغصات العمل.