حتى وهو يقلّد المُغنين والمُغنيّات، والفنّانين والفنانات، فهو لا يقلدهم لمجرد التقليد، واستدرار الضحك من شفاه الناس, بل هو يستمتع بذلك بينه وبين نفسه، إضافة إلى كونه يقدّم هذا التقليد، في قالب فني مختص فيه بصفته فن تقليد مُستقل، مثله مثل الغناء والمسرح، وغيرهما من قوالب الفنون وأنواعها.

إن كانت الكوميديا نوعين، كوميديا الشخصية، وكوميديا الموقف، فإن عبدالناصر درويش، هو من القلّة القليلة جداً، والنادرة جداً، من "الكوميديانات"، الذين جمعوا بين النوعين، في تجانس كوميدي رفيع وغير مُبتذل، وغير مكرر وغير عادي، وبتلقائية أدائيّة تكمن صعوبتها في بساطتها.

بالرغم من كونه فلسطينيا ـ ولا أدري إن كانت لديه الجنسية الكويتية أم لا ـ إلاّ أنه لم يدخل إلى الساحة الفنيّة الكويتية، بشيء من عقدة النقص، أو الإحساس بالغربة الفنية أو اللهجويّة، بل دخل إليها، بثقة فنيّة كبيرة في فنه وأدائه و"كاريزماه" الخاصة جداً، فما كان من الساحة الفنية الكويتية، والخليجية أيضاً، إلاّ أن حجزت له مكاناً مرموقاً ومتقدماً فيها، وليس لها في ذلك فضل أو مِنّة فنّية عليه، كونه من خارج الكويت، أو من خارج الخليج ككلّ، بل هو من له الفضل عليها بعد الله، وهو من له المِنّة الوحيدة على نفسه.

ظُلم كثيراً عبدالناصر درويش، وظلم نفسه كثيراً، في إقحامه الدائم في مسألة الثنائيات الفنيّة، ووضعه دائماً، إمّا في موضع المساند لفنان ثان، وإمّا في موضع المناصفة مع فنان ثان، في أغلب برامجه ومسلسلاته، وأعماله الفنية بشكل عام؛ ذلك أن مثل هذه الثنائيات، أكلت نصف حقه، وأكلت نصف توهّجه وفرادته الفنّية، التي اتضحت، في البعض القليل من أعماله الأخيرة، التي كان هو فيها النجم الأوحد، فمن وجهة نظري أن عبدالناصر درويش، هو الواحد الصحيح الذي لا يتجزأ إلى أنصاف وأرباع.