بلغ حجم سوق العملات الرقمية نحو 3 تريليونات دولار، قبل أن ينخفض هذا الرقم وهو في حالة تذبذب حاد صعودا وهبوطا، بسبب انخفاض وارتفاع قيمة العملات الرقمية، ولكن لا بد أن نقرأ من هذا الرقم أن المستقبل هو لهذه العملات ومن يحتقرها أو يتجاهلها أو يسخر منها، سيكون في آخر الركب، ويفوته الكثير، وسيتكلف الكثير للحاق بالآخرين.
هناك دول تسمح بتداول واستخدام العملات الرقمية بينما تمنع دول أخرى تداولها. ضمن أكثر الدول الخمس استخداماً لها الهند (100 مليون شخص) ونيجيريا (13 مليون شخص) البرازيل (10 ملايين شخص)، ومن أسباب كثرة استخدامها في هذه الدول -على سبيل المثال- بطء الإجراءات البنكية للتحويل، وطول الأمد، وارتفاع قيمة الرسوم، فيلجؤون لاستخدام هذه العملات لتقليل التكلفة وسهولة وسرعة التحرك. وهناك أسباب كثيرة تحكم سعر العملة الرقمية منها، موثوقيتها وسرعة انتشارها، من يعتمد أو يقبل التداول بها سواء من الدول أو الشركات العالمية الكبرى، وكذلك محدودية إصدارها (فمثلاً البيتكوين لا يمكن تعدين أكثر من 21 مليون قطعة بيتكوين بالمجمل وهذه المحدودية جعلتها مطلوبة وغالية الثمن بخلاف بعض العملات الرقمية الأخرى غير المحدودة الإصدار). وكما أن لكل شيء في هذه الدنيا مزايا وعيوب، فمن مزاياها أنها أكثر أماناً من العملات الورقية، وكذلك سهولة الإجراءات للتحويل أو التداول أو الشراء، وإضافة إلى أنها لا مركزية وأنها مشفرة.
أما جانبها المظلم، فهو ذو شجون وأهمها، عدم قدرة البنوك المركزية للدول السيطرة عليها وعلى تحركاتها، أو مراقبتها أو تتبع عملياتها، ما يجعل تحركات وتداولات العملة مجهولة. ومن العيوب الأخرى الرئيسة أنها كثيراً ما تستخدم للأعمال غير المشروعة مثل غسيل الأموال، تمويل الإرهاب، تجارة المخدرات وغيرها، للتهرب من الرقابة ودون الحاجة لعمليات معقدة وطويلة لتمريرها في النظام البنكي العالمي المعتمد. ومن العيوب أنه عند فقدانك أرقامها وأكوادها، فإنك تخسرها بشكل كامل، ولا يمكن استرجاعها بسهولة، كذلك هي سريعة التقلب وارتفاع الأسعار وانخفاضها بشكل سريع وغير مفهوم أحياناً.
ولإحكام الرقابة على العملات الرقمية اعتمد البنك المركزي السعودي تنظيمات خاصة لهذا القطاع، فالمجتمع السعودي مجتمع شاب متعلم، وهو من أكثر دول العالم استخداماً لأنظمة الدفع الإلكتروني. وفي رأيي الشخصي أن العملات الرقمية قادمة بقوة لأسواقنا عاجلاً أم آجلاً، المهم هو وضع الأنظمة والقوانين المنظمة ومراقبتها، وتسهيل الحصول عليها وتداولها، وقبولها بشكل آمن وقانوني، حتى لا تتسرب إلى أسواقنا العملات المشبوهة الأخرى، التي تمثل خطراً على الاقتصاد والأفراد وممتلكاتهم وأمنهم وأمن وطننا، ومكتسباتنا على حد سواء.