قال لي هذا موسمكم أيها الكتاب.. ستزعجوننا بأحاديثكم عن السفر.. قلت له: لست ملزما بقراءة ما لا يروق لك! قال: لكن مقالاتكم تشجع الناس بشكل أو بآخر على السياحة الخارجية! قلت له: الأمر ليس كما تتصور.. نحن نشجع الناس على السفر المفيد ـ بغض النظر عن الجهة والوجهة ـ نحن نشجع الناس على السفر الذي ينعكس على صحة الإنسان النفسية والعقلية والبدنية.. طالما أنه مقتدر مادياً، ويمتلك الوقت، وظروفه مهيأة، ما المشكلة من السفر الذي يحرره من قيود العمل اليومية التي كادت، أو كاد معها، أن يتحول إلى آلة صماء تخلو من الإحساس والشعور؟!نحن نشجع ـ وبقوة ـ على السفر الذي يحرر الإنسان من القيود الاجتماعية المرهقة.. يُحرر الإنسان من قلق وسائل الاتصالات.. يحرره من الارتباطات والتقاليد المزعجة.. تلك التي لا تنتهي على مدار فصول السنة.. بل وتزداد ضراوتها هذه الأيام! ثم إن السفر ليس محظورا شرعا حتى نتحرج من الخوض فيه، أو نُحجم عن الحديث عنه، أو نحذّر الناس منه.. "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور".
المحاذير والمخاطر التي نخشى على الناس منها ليست بحاجة لمسافات ورحلات طويلة.. بل ليست بحاجة للسفر أساساً! أظن أنني أقنعته أن السفر المفيد ـ داخلياً أم خارجياَ ـ يُجدد الطاقة.. وينعكس إيجاباً وبشكل كبير على صحة الإنسان "نفسيا وعقليا وجسديا".. وأي سفر لا يحقق هذه الانعكاسات الثلاثة سفر غير مفيد إطلاقاً، حتى وإن كان على متن يخت فخم يعبر البحر الأبيض المتوسط نحو كان وموناكو!