بعد أكثر من عام من الحرب وغزو روسيا، ترى أوكرانيا أن الانضمام للكتلة الأوروبية هو عنصر أساسي لمستقبل العالم الغربي.

لكن احتفال أعضاء الاتحاد الأوروبي الحاليين، البالغ عددهم 27، بذكرى رباطهم كواحد أظهر إلى أي مدى لا تزال عضوية أوكرانيا بعيدة، خاصة مع وجود فائض صوامع الحبوب فجأة في العديد من دول شرق الاتحاد الأوروبي.

بينما بدأت مجموعة من الناخبين شديدي النفوذ، وهم 10 ملايين مزارع بالاتحاد الأوروبي، في التذمر، مما يدل على أن الاقتصاد قد يتفوق على العروض العاطفية للدعم.


مسار بطيء

قال الأستاذ بجامعة «جنت»، هندريك فوس، الخبير في صنع القرار بالاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه تأجيل الأمور إلى الأبد.

لكن سيكون الأمر صعبا على الرئيس الأوكراني، ومع ذلك، فإن أفضل نصيحة هي أن تحافظ أوكرانيا على المسار البطيء الذي من المحتمل أن يستغرق سنوات عديدة، إن لم يكن أكثر من عقد.

فائض الصوامع

لفت «فوس» إلى أنه «يمكن أن تحدث أشياء غير متوقعة، إذ ثبت، في وقت مبكر من هذا الربيع، وجود فائض صوامع الحبوب فجأة في العديد من دول شرق الاتحاد الأوروبي. فلمساعدة أوكرانيا على تصدير الحبوب وزيت عباد الشمس، وغيرها من المنتجات الزراعية، بعد أن أغلق الحصار الروسي طريق البحر الأسود، رفع الاتحاد الأوروبي القيود التجارية، للسماح بمرور الشحنات عبر الكتلة، ونأمل أن تصل إلى الأسواق العالمية المحتاجة».

ومع ذلك، في الدول المجاورة مثل بولندا والمجر وسلوفاكيا ورومانيا تراكمت المخزونات، وانخفضت الأسعار، وبدأت مجموعة من الناخبين شديدي النفوذ، وهم 10 ملايين مزارع بالاتحاد الأوروبي، في التذمر، مما يدل على أن الاقتصاد قد يتفوق على العروض العاطفية للدعم.

مساعدة مالية

أوضح «فوس» أن أوكرانيا لن تتمكن من الانضمام إلا إذا حصلت على مساعدة مالية كبيرة من الأعضاء الحاليين، لإعادة بناء دولتها، والارتقاء إلى معايير الاتحاد الأوروبي.

وسيتحول العديد من دول الاتحاد الأوروبي التي تحصل الآن على أموال من خزائن الاتحاد الأوروبي إلى مساهمين صافين، لذلك لا عجب أن الكثيرين في الاتحاد الأوروبي ليسوا مستعدين حتى الآن لاحتضان أوكرانيا كعضو.

جوانب اقتصادية

ذكرت كريستين لامبرت، رئيسة اتحاد مزارعي الاتحاد الأوروبي (COPA): «بالطبع لدينا تضامن مع أوكرانيا، ولكن هناك أيضًا جوانب اقتصادية مهمة لذلك»، مضيفة: «هذا نوع من خلق فجوة في ميزانيتنا، وستنتج عن ذلك مشاكل، ولا يستطيع المزارعون تحمل هذه المشاكل بمفردهم».

وبصرف النظر عن التأكد من عدم خوض فرنسا وألمانيا الحرب مرة أخرى، تضمنت المبادئ التأسيسية للاتحاد الأوروبي أيضًا تجنب الجوع في الكتلة عقب الحرب العالمية الثانية، مما سمح للزراعة بأن تلعب دورًا مهمًا بشكل استثنائي في سياسات الاتحاد الأوروبي، وحتى الآن تشغل الإعانات الزراعية ما يقرب من ثلث الميزانية المخصصة للاتحاد الأوروبي.



إظهار التضامن

يحتفل الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى بـ«يوم أوروبا»، و«السلام والوحدة» مع أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن إظهار التضامن لا يعني أن أوكرانيا أقرب إلى أن تصبح عضوًا في الاتحاد الأوروبي.

لذلك، قامت رئيسة المفوضية الأوروبية (الفرع التنفيذي للاتحاد الأوروبي)، أورسولا فون دير لاين، برحلة خاصة إلى كييف، لإلقاء كلمات حول الكتلة، ومصير أوكرانيا المشترك مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.

وقالت: «كانت أوكرانيا تناضل من أجل المثل العليا لأوروبا التي نحتفل بها اليوم، لخلق وحدة وسلام دائمين». ترشيح العضوية

في الشهر المقبل، سيكون قد مر عام واحد على ترشيح دول الاتحاد الأوروبي أوكرانيا للعضوية، التي أغرقوها بالثناء، وعززوها بالمليارات من المساعدات والدعم العسكري، واعتمدوا بسببها جولات متعددة من العقوبات على روسيا.

ولم يقتصر الدعم عليهم فقط، حيث ذكرت الولايات المتحدة أنها ستقدم 1.2 مليار دولار إضافية كمساعدات عسكرية طويلة الأجل لأوكرانيا، لتعزيز دفاعاتها الجوية، مع استمرار روسيا في قصف أوكرانيا.



وضوح الإحباط

من جهة أخرى، ظهر الإحباط على الجانب الأوكراني، وكان الرئيس الأوكراني مرهقًا عندما زار هولندا، الأسبوع الماضي، لتقديم مناشدة صادقة من أجل تسريع عملية العضوية. واستمعت «أورسولا» إلى الرسالة نفسها، وأقرت بأنه «من المثير للإعجاب أن نرى أنه على الرغم من الحرب الشاملة، تعمل أوكرانيا بجد وبلا كلل وبشكل مكثف، لتلبية متطلبات الاتحاد الأوروبي». ومع ذلك، يعد الوقت مفهومًا مرنًا للغاية في الاتحاد الأوروبي، والصبر أساسيا.

ويتوقع الاتحاد الأوروبي التقييم المقبل في أكتوبر، وقالت «أورسولا»: «لقد تم إحراز الكثير من التقدم، ولكن العمل يجب أن يستمر». ضغوط متزايدة

أدت الحرب والتغير المناخي إلى وضع مزارعي الاتحاد الأوروبي في ضغوط متزايدة، وسيشكّل الاستحواذ على أمة مثل أوكرانيا، التي يُنظر إليها تاريخيًا على أنها «سلة خبز أوروبا»، تحديًا كبيرًا.

قبل الحرب، كانت أوكرانيا لا تزال تمتلك حصة كبيرة في السوق العالمية من القمح والشعير والذرة وزيت عباد الشمس، وشكّلت منتجاتها الزراعية أكثر من 40% من الصادرات.

ويثير انفتاح الاتحاد الأوروبي أمام مثل هذا المنافس قلق العديد من المزارعين، خاصة إذا أصبحت أوكرانيا عضوًا.

وبينما أشارت رئيسة «COPA» إلى ضرورة التزام المزارعين في الاتحاد الأوروبي بقواعد بيئية واجتماعية صارمة، لا يتعين على الأوكرانيين الالتزام بها حتى الآن.

وفور انضمام أوكرانيا، سيكون لديها، من حيث المبدأ، السوق الكاملة للدول الـ27 الحالية تحت تصرفها، لكنها ستحتاج أيضًا إلى الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي.



أوروبا تبطئ من عضوية أوكرانيا بسبب:

قابل رفع الاتحاد الأوروبي القيود التجارية، لمساعدة أوكرانيا على تصدير الحبوب، وجود فائض صوامع الحبوب فجأة في العديد من دوله.

بدأ 10 ملايين مزارع بالاتحاد الأوروبي في التذمر بسبب تراكم المخزونات، وانخفاض الأسعار لديهم.

أوكرانيا لن تتمكن من الانضمام إلا إذا حصلت على مساعدة مالية كبيرة من الأعضاء الحاليين، لإعادة بناء دولتها، والارتقاء إلى معايير الاتحاد الأوروبي.

يشترط لقبول أوكرانيا عدم خلق فجوة في ميزانية الاتحاد الأوروبي.

تتضمن المبادئ التأسيسية للاتحاد الأوروبي تجنب الجوع في الكتلة عقب الحرب العالمية الثانية.

تلعب الزراعة دورًا مهمًا بشكل استثنائي في سياسات الاتحاد الأوروبي.

تشغل الإعانات الزراعية ما يقرب من ثلث الميزانية المخصصة للاتحاد الأوروبي.