كان الهدف دينيًا ثم تحول إلى مدني. ففي عالم السياسة من السهل تغيير الأهداف والتوجهات بتقديم حرف وإزالة حرف. هي هكذا الأهداف الخفية (تلاعبٌ بالحروف) و(انحرافٌ عكسيٌّ) في الاتجاه. الصحوة تتحول إلى نهضة، ومختلفو الأفكار والمعتقدات يمكن أن يتفقوا، والأضداد يلتقون في التوجه حتى وإن اختلفوا في الآليات. وليس بخافٍ على عاقل ولا على فطين ولا على حتى بليد ما يجمع الأضداد من هدف. فما الذي يجمع الحركي بالتنويري؟ وكيف اجتمع الملحد بالمتزمت؟ واليميني باليساري؟ والطائفي بمدعي الحقوق المدنية الضائعة؟ أسئلة تتبعثر إجاباتها من الكاسيت إلى "النت" إلى الفضاء إلى الملتقيات النهضوية.

هي وحدة الهدف، بعد أن فشلوا في حركتهم التفجيرية حتى بأجسادهم، اتجهوا إلى الأسلوب الحركي التنظيري الجمعي في محاولة يائسة لتفجير أفكار الشباب بأسلوب مدني. فالتفجير هو لغتهم الوحيدة التي يفكرون ويخاطبون بها، ويستحقون عليها جائزة مخترع الديناميت. والذي غاب عنهم أن شباب اليوم جيل (صاحي) بطبعه، ويرفض هذه اللغة وهذه الشعارات، فلم يعد يغريه بريقها وألوانها، ولم تعد تعني له إلا الفرقة والعزلة والنبذ؛ لأنه يعي أن النهضة الحقيقية، كما وصفها مفكرها الكبير مالك بن نبي، (واجبات قبل أن تكون حقوقًا) وثقافة قبل أن تكون سياسة، ونقد بناء قبل أن تكون تدميرًا، ويعي أيضًا أن ربيعه السعودي الذي ابتدأ منذ 1352 لم يتوقف عن النهضة والتقدم والتنمية، ولا عن أداء واجباته الدينية والأخلاقية منذ توحيد الكيان والإنسان، ومنذ أن كفلت الحقوق والحريات بسيادة الشرع. فبدأت تتشكل ملامح مدرسة الواجبات السعودية لجيل شاب في الإعلام الجديد، مدرسة نقدية بناءة رسالتها وطنية الغاية والأهداف، ولغتها الإصلاح والبناء والغيرة على هذا الوطن.

مدرسة لا تحتاج إلى سعودة، فهي أول من يؤمن بأن وحدة الهدف الحقيقية التي يجب الاتجاه لها هي المصلحة العامة السعودية، مدرسة لا مكان فيها لطلاب الإيديولوجيا أو حالمي السياسة أو أدعياء الدين.