الأولى تقع علينا داخل البيت «التربية المنزلية»، وهي خطُّ الدفاعِ الأول بحسن رعاية الأهل، وتربيةِ الأولاد، والإحسانِ إليهم، وإغنائِهم بالمحبةِ والإكرامِ المنضبط، وبالمؤاخاةِ وخاصة المراهقين منهم، وبالإنصات لهم وحلِّ مشكلاتهم، وتوجيههم لحضور الصلوات بالمساجد، وملازمة حفظ القرآن والسنة، وحثهم كما حث النبي الغلام –بن عباس رضي الله عنهما- بقوله (يا غلامُ إني أعلمك كلمات احفظ الله يَحفَظْك) الحديث، وبالدعاء لهم وليس الدعاء عليهم (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين إماما).
ثم تأتي المسؤولية التالية تجاه من يعلم المرء تعاطيه المخدرات، وذلك «بالتوعية الموجهة» وبتقديم النصح له، كائنًا من كان، فالدين النصيحة، فإن استنصح المَعْنِيُّ وأقلع -فالحمد لله- وإلا فتكون المسؤولية الثالثة (بالإبلاغ عن المتعاطي) بلا تردد ولا استعياب، ولا تخوف ولا استرهاب، بل هو واجب الدين المتحتم لتتم معالجته، وكذا الإبلاغ عن المروجين والمهربين إن عرف عنهم، فهذا واجب شرعي لا تبرأ ذمةُ العبدِ في التهاون فيه وإهمالِه لتعدي ضرره الفردَ إلى جمع الأمة وربنا يقول: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)، ويقول: (والمُؤْمنُونَ وَالمُؤْمنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْليَاءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بالمَعْرُوف وَيَنْهَوْنَ عَن المُنكَر).
ثم رابعًا مسؤولية (حسن التعامل مع المعافى) وعدم نبذه وتركه أمام خيارات رفقاء السوء للعودة به إلى طريق الهلاك، بل علينا واجب احتوائه لسلوك طريق النجاة به والمساعدةِ في تجاوز محنته، ولقد هيأت الدولة -رعاها الله- مراكز للمتعافين تُعنى بالمتعافين من براثن المخدرات، وتأخذ بأيديهم إلى موطن السلامة وبر الأمان، فلنتعاون معها، ولنتواصل مع برامجها ولندعمها بما نستطيع، وليتنا نكثر منها ونفيد من برامجها.
وختامًا نسأل الله جل في علاه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يزيد ولاتنا ورجال أمننا توفيقًا وسدادًا وعونًا ونجاحًا، وأن يحفظنا وولاتنا وبلادنا وأبناءنا وبناتنا بما يحفظ به عباده الصالحين، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد.
* المدير العام السابق لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية