ليست هناك آفة كالمخدرات، تفسد المجتمعات بتدميرها العقول، وسلبها طاقات البشر، ونسفها كل القيم الدينية والأخلاقية.

المخدرات وإدمانها داء نجس، آثاره تتعدى المدمن، لتطول أسرته ومجتمعه ووطنه، فتسبب دمارا شاملا، علاجه يستهلك كثيرا من الوقت والجهد، مما يحوّل جهودا يجب أن تضخ استثماراتها البشرية والاقتصادية من أجل التنمية إلى استنزاف بشري ومالي يحاول ردم تصدعات آثار المخدرات التي تعطل تقدم المجتمعات والدول، ومن ثم تؤخرها عن اللحاق بركب القوة والسيادة، والحضور بشكل يليق بها على خارطة التميز والتأثير العالمي.

ولأن مكافحة المخدرات (بالذات) تحتاج منا إلى تدخل يساند جهود الجهات الأمنية في التصدي لها، وحيث إن تطهير المجتمع منها يدخل ضمن نطاق المسؤولية المجتمعية، كان للمملكة العربية السعودية وقفة صارمة مع كل «ما» و«من» يسهل انتشارها، سواء بتعاطيها أو ترويجها، وذلك من خلال إطلاق حملة «#الحرب_على_المخدرات» التي تعد حملة يتشارك فيها المواطن مع المسؤول تحت مباركة ودعم من القيادة من أجل مجتمع نظيف، بدينه وأخلاقه وإنجازه وعطائه، من قذورات المواد المخدرة المدمرة.


ما يجب أن ندركه نحن ونعيه أن ليس منا من هو في مأمن بنفسه أو بأولاده أو بمن يحبهم ويهمه أمرهم، من أقرباء أو أصدقاء، من خبثاء النوايا الذين يصطادون عفن المال في بركة نشر المخدرات الأسنة بطرق مختلفة، فكم من بريء ذهب نتيجة خبث مروج نجس، حيث إن بعض أنواع المخدرات تكفيها جرعة قدمت بطريقة مستترة خلف لطف كاذب، لا تثير ريبة متعاطيها ليرفضها، فتجره إلى ويلاتها، كأول خطوة في طريق إدمان قد يتدرج بصاحبه إلى دروب لم تكن يوم في حسبانه.

ولأن المخدرات من الآفات التي تسلك سبلا ملتوية، تستتر خلف ألف قناع وقناع من لطف وإيثار وصداقة، لتتمكن من هدفها، فإن التجمعات الشبابية هي بيئتها الخصبة، ومهما تكن هناك إجراءات رسمية صارمة في كشفها، فإنها قد تتسلل بخبث إلى المدارس والنوادي، وفي جمعات الأسرة والأصدقاء، وحتى داخل أسوار البيوت، لأن السيطرة على عصابات المخدرات أصبحت أصعب بكثير من السابق مع تطور وسائل التواصل، وسيطرة الشبكة العنكبوتية، وهذا بالضبط ما فطنت إليه جهاتنا الأمنية، ومن أجله أطلقت حملتها الشرسة على المخدرات بشكل لا مكان للعاطفة فيه، وهذا ما يجب أن نفهمه بوضوح نحن كمواطنين في بيوتنا، وصروحنا التعليمية، وبيئات أعمالنا، لأن المخدرات مهما تحاول أن تخفي آثارها، فإن لها علامات يجب أن نفطن إليها، ونكون أقوياء جدا في التصدي لها، حسب توجيهات الجهات الأمنية.

يجب علينا أن ندرك ألا أحد منا معصوم منها، سواء عن قصد أو في غفلة من حذر، وأنه مهما تكن درجة الصدمة، فإن علاجها، سواء للنفس أو لمن نحب ويهمنا أمره، بعون الله ثم بإشراف مباشر من المختصين، أسهل بكثير من تفاقم الأمر، ويجب علينا أن ندرك أن مخافة الله بأنفسنا ومجتمعنا ووطننا تحتم علينا أن نكون واعين فطنين بكل علامة أو تصرف يدل على متعاطيها أو بائعيها أو مروجيها، وأن التبليغ عنهم واجب وطني ومجتمعي وإنساني فيه النجاة من شر عظيم.

التوعية بأضرار المخدرات لم تغب يوما عن مجتمعنا، ولكن ما نحن بحاجة إليه الآن أن تتخطى هذه التوعية بيان أضرارها إلى طرق كشف متعاطيها ومروجيها، وكيفية التعامل معهم، وليتنا تحليل المخدرات يكون أيضا إلزاميا في المدارس، ومع فحص الزواج، وليت وسائل الإعلام تركز على التوعية المدروسة والمؤثرة بكل ما سبق، بعيدا عن ركاكة الطرح في الدراما التي قد تسهم في تفاقم الضرر أكثر من حله.

مراكز التدريب والاستشارات النفسية والاجتماعية أيضا عليها مسؤولية كبيرة في التوعية المجتمعية، بما يتناسب مع تحديثات العصر، ومواكبة مروجي الداء له.

لذلك، من أجل وطن قوي ومجتمع سليم، علينا كلنا أن نكون جنودا أوفياء في الحرب على المخدرات.