حدثان كرويان متداخلان، لكنهما غير متكافئين، رابطهما كرة القدم التي تجمع منتخبات صفوة القارة العجوز من أجل الظفر بثاني أهم منافسة بعد كأس العالم كحدث وإن كانت كمستوى أفضل بكثير من نهائيات كأس العالم، وكذا تجمع نخبة من منتخبات الكرة العربية وفق معايير أمانة الاتحاد العربي لكرة القدم، ويختلفان في ثنائية التنظيم في الأولى من خلال كل من بولندا وأوكرانيا، وتجمع الحدث الآخر بالسعودية.
بالتأكيد لن أتصدى لمسائل الفوارق بين منافستين كما ذكرت غير متكافئتين بالمرة، لكن هناك جزئية تلفت نظر من يتابع، هي ناحية تعد نقيصة واضحة في كل المناسبات الكروية العربية عدا ما يقام فقط في قطر، لكونها الوحيدة بعالمنا العربي التي تحسن توظيف الحدث إعلاميا.
سأتحدث عن الفارق الهائل جدا بين كأس الأمم الأوروبية وبين كأس العرب في نسخته الجديدة بعد التوقف، من حيث الرسالة الإعلامية المصاحبة.
منذ أكثر من ستة أشهر وأنا أتابع مستجدات كأس الأمم الأوروبية أولا بأول من خلال بعض المصادر، ووسائل الإعلام الأوروبية كالإسبانية والألمانية على وجه التحديد، التي تابعت كل تفاصيل التفاصيل، كملاحقة مشاكل اللاعبين والمدربين واختلافات وقعت داخل اتحادات مشاركة في الحدث الأوروبي وكذا تنظيم البطولة والإشكالية التي أحاطت بأوكرانيا على هذا الصعيد وكادت تهدد تنظيمها للمباريات المقررة سلفا على أراضيها.
وتعرفنا على أطقم المنتخبات منذ عدة شهور، ومسائل تحديد مكافآت الفوز بالكأس من بعض الدول المشاركة التي حبذت الإعلان عنها من أجل تحفيز لاعبيها قبل الدخول في غمار المنافسات، وأمور كاختلافات بعض اللاعبين مع بعضهم البعض، ورفض الآخر السكن مع زميل في المعسكرات، وما إلى ذلك من تفاصيل مثيرة تحسب لتلك الوسائل التي عمدت إلى تغطيتها والركض وراءها بكل ما أوتيت فرق عملها من قدرات وعلاقات وفطنة، لطالما تميزت بها وسائل الإعلام الأوروبية بالذات في تغطياتها للأحداث الرياضية، وتقدم تلك الأدبيات المهنية لمن يريد أن يستفيد في هذا العالم الفسيح، لكنني أظن أننا لسنا من ذلك العالم المفترض به أن يستفيد؟!
أما النقيض، وهو حدث الكرة العربية الأهم المنتظر (كأس العرب)، الذي لا يبتعد عن غيره من الأحداث العربية الرياضية (عدا كما نوهت سلفا بما يقام من أحداث رياضية في قطر)، فكأس العرب جاء بمفاجأة، وسينتهي بمفاجأة أنه بدأ وانتهى من دون أن يعلم به أحد سوى من يقومون عليه تنظيما ومشاركة، فلا رسالة إعلامية له واضحة المعالم، ولا متابعات إخبارية منتظمة تطرح عبر وسائل الإعلام المختلفة للقارئ العربي من المحيط إلى الخليج، ونادرا أن يساعدك المسؤول في الاتحادات العربية بتزويدك بمعلومات تفصيلية يستطيع الإعلامي المتابع أن يستخلص منها مواد مثيرة وجاذبة، والإثارة هنا أقصد منها إغراء القارئ للالتفات إليها بحكم المعلومة الدقيقة أو التحليلية، فضلاَ عن غياب الصورة، وبالتالي يموت الحدث الرياضي في بلداننا العربية قبل أن يبدأ، وهذا عائد بتقديري لكون الاتحادات المحلية العربية لا تعطي الرسالة الإعلامية ما تستحق من اهتمام حقيقي ينعكس على أرض الواقع، فتنحصر حدود الاهتمام في نطاق فهمها كإدارات وتتعامل مع الإعلام من باب مخاوف ومحاذير، وليس من باب منح ذوي التخصص والخبرة في الإعلام الرياضي الملمين بتفاصيله وأدواته ومهاراته.
هذه هي حجر عثرة الرسالة الإعلامية للأحداث الرياضية العربية، ومتى تخلصت منها لربما نتعرف ونغوص في الحدث قبل عقده بشهور كما نحن مع كأس أمم أوروبا.
دعواتنا لكأس العرب بالنجاح في هذه النسخة المحدثة.