أثار رجاء صالح المغامسي إنشاء مذهب جديد ردود أفعال متباينة ما بين القبول والرفض، وهذا الرجاء ذو مضمون صحيح وتعبير غير صحيح.. فمضمون الرجاء ولازمه الأول لو تحقق معه أو مع غيره هو فتح باب الاجتهاد بشكل موسع، للإتيان بأقوال غير مسبوقة في مسائل مسبوقة، فهذا هو كنه الاجتهاد ومعناه الحقيقي، حينما يوصف عصر أو دولة به، وأما التعبير بإنشاء مذهب فغير مناسب؛ لأن العلماء الذين يطرحون إضافات جديدة في مجال تخصصهم لا يدور بخلدهم المذهبية، وإنما الإضافة إلى العلم نفسه، ثم إذا أضاف ما يعد ركيزة رئيسية في العلم تنحى به منحى آخر ويعمل به المتخصصون الآخرون ويذهبون إليه، فإنه يمكن أن يعبر عنه بأنه مذهب أو اتجاه وهذا ليس في الفقه بل في كل العلوم. ولو كان رجاء الشيخ أن يؤسس منهجًا ذي ثقل في العلم لكان أفضل ثم يبينه للناس ثم يتمنى ظهوره وقبوله، أما أنه أول ما يظهر منه هو رجاؤه وتمنيه فلا وجه له إلا إذا كان بصدد منهج قائم عليه يطمح لأن يكون مذهبًا، وأما مطلق الرجاء بلا مشروع أو منهج فكل متخصص في علم معين يرجو نفس الرجاء، وعمومًا وحتى تتحقق هذه النقلة النوعية في العلم الشرعي سواء مع الشيخ أو غيره فإنها تحتاج لأمرين:
الأول إيجاد أصول فقه جديدة غير أصول المتكلمين التي تعتمد على اللغة والمنطق والفروع لأنها آتت أكلها، فلا يمكنها إنتاج أحكام غير التي أنتجتها عبر التاريخ.. ولعل هذا هو ما يفسر فشل كل دعوات التجديد الفقهي، أو فتح باب الاجتهاد في العصر الحديث كونها دعوات بلا آلية جديدة، والمنهج الذي دائمًا ما أنادي به هو المنهج الإنساني وتفعيل الحكمة المذكورة في القرآن لتكون أساس الاستنباط وفهم النص، وهو ما اعتمدت عليه في مؤلفاتي.
الثاني الإتيان بأحكام جديدة لعشرات المسائل المسبوقة -إن لم يكن لمئات المسائل– مع عدم المساس بقطعيات الدين، بحيث يمكن أن يكون هذا الكم الكبير قسيمًا للإنتاج الفقهي القديم.. فبهذين الأمرين يمكن لأي شخص أن يحدث نقلة في الفقه وتأثيرًا ملحوظًا قد يتحول إلى مذهب إذا كتب له القبول.