ما إن قدم شهر رمضان المبارك حتى بدأت لافتات «الاعتذار» عن استقبال طلبات الخياطة الجديدة ترفع على نحو ملحوظ ومتزايد مع تقدم أيامه على واجهات محلات الخياطة الرجالية في مدن وبلدات الأحساء، في حين توقف عدد منها عن استقبال تلك الطلبات منذ منتصف شعبان الماضي.

وتشير كثير من تلك اللافتات إلى أن استقبال الطلبات الجديدة سيكون متاحًا بعد عيد الفطر مباشرة، وهو ما دعا مهتمين بريادة الأعمال والحرف اليدوية، إلى المطالبة بمزيد من التأهيل والتدريب والإعداد لرفد سوق الخياطة الرجالية بمزيد من العاملين، أو على الأقل إطلاق مهن موسمية أو مؤقتة لخياطة الملابس الرجالية، وذلك عبر تبني الجهات التدريبية المختلفة في القطاعين الحكومي والخاص تنفيذ مزيد من الدورات التدريبية المكثفة لخياطة الملابس، واستهداف الشباب بها، إضافة إلى العمل على تشجيع تحوّل الأسر «الاقتصادية» المنتجة إلى نشاط خياطة الملابس الرجالية لاستيعاب الطلبات المتزايدة في المواسم.

عمل في المنازل


أبان مهتمون بريادة الأعمال والحرف اليدوية في أحاديثهم لـ«الوطن» أن هناك 3 مواسم تنتعش فيها مشاغل الخياطة كل عام، وهي «موسم عيد الفطر، وموسم عيد الأضحى، وموسم العودة إلى المدارس»، تشهد تضاعفًا في الإقبال عليها، تفوق قدرتها الإنتاجية، وقد تمتد فترة الانتظار لاستلام الملابس «الجديدة» إلى أكثر من شهر، والأمر يزداد في موسم عيد الفطر، إذ تتوقف عن استقبال مزيد من طلبات الخياطة منتصف شهر شعبان.

وأوضح هؤلاء أن دراسات الجدوى الاقتصادية، تؤكد على الحاجة للمزيد من «الخياطين» السعوديين في كثير من المدن بما فيها الأحساء، عطفًا على عدد السكان الكبير، الذي يتجاوز الـ1.25 مليون نسمة، ومحدودية مشاغل الخياطة والعاملين فيها، مع إتاحة الفرص للأسر «الاقتصادية» المنتجة للعمل في هذا النشاط من خلال المنازل، خصوصًا أن عددًا منها تمتلك مهارة فنون الخياطة والتطريز بكافة أشكاله، وقد أبدعت وتفننت في خياطة «البشت» الحساوي، وهي الخياطة والتطريز الأصعب، مع توقعهم أنه مع مرور الأيام، قد تكتسب خياطة الثياب في الأحساء، ماركة تجارية تحمل مسمى «الثوب الحساوي»، يجمع الجودة والتميز والدقة في التفاصيل.

محفظة تمويلية

بدوره، أكد عضو مجلس الإدارة، المدير التنفيذي المكلف لجمعية الأسر الاقتصادية مشبب القحطاني لـ«الوطن»، استعداد الجمعية لتقديم كافة أوجه الدعم للأسر «الاقتصادية» المنتجة، الراغبة في فتح مشغل لخياطة الملابس الرجالية، وتمويل الأسر بالمبالغ المالية من المحفظة التمويلية، للبدء في المشروع، وتنفيذ دورات تدريبية للراغبين في ذلك.

وأوضح أن الجمعية، تهدف إلى الوصول إلى صناعة منتج وطني عالي الجودة، وبسعر منافس، وتحقيق طموحات الأسر الاقتصادية ورفع الوعي المجتمعي لدعم المنتج المحلي للأسر، وأن الجمعية تهدف إلى تحويل الأسرة الاقتصادية إلى كيانات استثمارية داعمة للإنتاج المحلي، وتطوير المهارات الإنتاجية للأسر الاقتصادية، وتبني الأفكار الإبداعية ودعم المبادرات الخلاقة، وإيجاد صناعة الحلول التسويقية والتنموية للأسر الاقتصادية، وتوفير البيئة المنافسة والملائمة للأسر الاقتصادية لتكون جاذبة منافسة.

قصص نجاح

من جانبه، أشار مدير معهد ريادة الأعمال الوطني في الأحساء المهندس ناصر اليمني لـ«الوطن»، إلى أن هناك قصص نجاح كثيرة لخياطين سعوديين، مبينًا أن المعهد بالشراكة مع بنك التنمية الاجتماعية، يدعمان مشاريع ورشات الخياطة وفق مسارين، وهما: مسار يستهدف المشاريع الصغيرة والناشئة بسقف تمويل لا يتجاوز 300 ألف ريال سعودي، ومسار آخر يستهدف حملة الشهادة الجامعية والدبلوم في المجال بسقف تمويل لا يتعدى 500 ألف ريال سعودي، وفق الاشتراطات التالية: طالب التمويل سعودي، والمؤهل لا يقل عن المتوسط، يتوفر لديه الخبرة أو المؤهل المناسب للعمل في المشروع وإدارته، ألا يقل عمره عن 21 عامًا ولا يزيد عن 62، وأن يتفرغ لتشغيل مشروعه، وأن يسمح الوضع المالي والائتماني للمتقدم بالحصول على التمويل، واجتياز المقابلة الشخصية قبل الدورة التدريبية.

رأس مال محدود

أشار سعيد العييد «زبون» إلى أن حرفة الخياطة والتطريز في الأحساء، تمتاز بشهرة واسعة، ولا يكاد يكون هناك بيت فيها إلا وفيه شاب أو فتاة أو سيدة تجيد الخياطة وتطريز الملابس، وبعض الفتيات والسيدات يمارسن فعليًا خياطة الملابس النسائية، ومن السهولة عليهم بالتالي ممارسة خياطة «الثياب» الرجالية، واحتراف المهنة بعد فترة زمنية قصيرة بسبب تكرار التنفيذ باعتبار الثوب الرجالي من الملابس ذات التصميم الموحد، وتتطلب رأس مال «محدودًا» وتجهيزات ومعدات «محدودة» للانطلاق في المشروع، قد تكون متوفرة عند بعض الأسر، مقترحًا كذلك إبرام الأسر «الاقتصادية» المنتجة، عقود «عمل» في المنزل مع محال ومشاغل خياطة، لخياطة الثياب، على غرار خياطة البشوت في المنازل.



انخفاض في الأسعار

ذكر صادق الحمادة «زبون»، أن الشريحة الأكبر من الزبائن، يفضلون تفصيل الملابس في الأيام الأخيرة من الموسم، وذلك لعدة اعتبارات من بينها أن البعض ينتظر وصول أقمشة «جديدة»، ومجاراة الموضة في الأقمشة التي من بينها الألوان، وسماكة القماش، والبعض الآخر يراعي أخذ القياسات في الأيام الأخيرة، مبينًا أن شريحة الأطفال، تغير المقاسات في الطول والعرض، قد تكون من شهر إلى آخر متفاوتة، فمن غير المقبول أخذ قياسات في شهر شعبان وارتداء الثوب في أول أيام عيد الفطر.

وشدد على ضرورة مجاراة الأسر، لمتطلبات السوق، وفي هذه المواسم فإن الأسواق تتطلب خياطة الثياب، متوقعًا أن تشهد الأسعار انخفاضًا مع زيادة العاملين في هذا المجال، تبعًا لمبدأ العرض والطلب، مع تحقيقها إيرادًا ماليًا إضافيًا للأسر والأفراد.