العَلَمُ شعار وطني شامخ، يستظل الشعب تحت رايته ويسمو الوطن برمزيته، هو شعار ورمز تاريخي لتأسيس وطن وبناء دولة، جُمعت أطرافها المتناثرة وقبائلها المتناحرة، تحت مظلة واحدة وسيادة شاملة، استطاعت باقتدار أن تحتوي اختلافاته، وتنظم إدارته في مسؤولية عميقة وجامعة، لهموم تراكمت وتطلعات تباينت آمالها وأحلامها ومساراتها، لتجتمع في منظومة موحدة بقيادة حكيمة، تعمل جاهدة لتحقيق أهداف مشتركة ورؤية مستدامة، تستكمل بها الماضي بنجاحاته ومعطياته، وبما يخدم استمرارية تنميتها الحاضرة والمستقبلة، لتكون السعودية اليوم بكل مكتسباتها ومنجزاتها التي تتحدث عنها كشواهد حاضرة موثوقة.

الاحتفال بالمناسبات الوطنية فيه تعزيز للانتماء الوطني، وفيه استشعار داخلي وسلوكي وعاطفي وذهني، لكل ما يحمله الوطن من رموز وما يمتلكه من ممكنات ومقدرات، تشكل في مجموعها معاني وقيما لهذا الوطن المعطاء، بكل مضمونه المادي والمعنوي، الاحتفال فيه تحفيز وتذكير بالمواطنة كمسؤولية وطنية وإنسانية، وفيه انتماء وفخر بالتبعية والمشاركة في العمل والمصير، فيه اعتزاز وشموخ ورضا بوطن يجمعنا تحت سمائه، نستظل بأمنه ورعايته وحمايته وننعم بخيراته، فالمواطنة ليست شعاراً يُردد ولا هتافاً يُسجل، ولا كلمات جوفاء تُنثر أو أشعارا وأهازيج تُنظم، أو زيا وملابس تُرتدى، المواطنة فيها إيمان والتزام بمسؤوليات نحملها، لترجمة الانتماء ومتطلباته، ولمستحقات وواجبات يفرضها الانتماء والتبعية لذلك الصرح الشامخ، ولذلك الوطن بقيادته ورموزه، فالمسؤولية بالانتماء تعني أن نكون نموذجا يمثل الوطن في رؤيته وأهدافه وتطلعاته، أن نكون صوته المتحدث بمبادئه ومعتقداته ورؤيته، أن نكون صورته اللائقة المعبرة عنه، في تألقه وثوابته وجماله وشموخه، أن نكون شركاء في تنميته وازدهاره.

أن تكون مواطناً يعني أن يحاكي سلوكك وأهدافك، ما يستهدفه وطنك في رؤيته وأهدافه وآماله، فالمواطنون هم رموز للوطن وهم عدته وعتاده، وهم نموذجه الإنساني بما يحمله من مقدرات ومهارات، وسلوك وقيم في الداخل والخارج، وعليه فالمسؤولية جامعة عميقة لكل ما يتطلبه الوطن من التزامات، وما يقدمه المواطن من واجبات ومستحقات.


من متطلبات دعم قيم المواطنة وتحفيزها، بناء مبادئ وأصول التربية الوطنية وتعزيزها لدى المواطنين، عبر تضمين ثقافة المواطنة بمحتواها ومتطلباتها ومجالاتها، ضمن المناهج الدراسية نظرياً وتطبيقياً، ويكون ذلك خلال الفعاليات المدرسية، والواجبات التفاعلية مع مناسباتنا الوطنية، ورموزنا التي يثرى بها الوطن بمختلف مكوناته، علاوة على الاهتمام بالرحلات والزيارات الميدانية، لجميع مقدراتنا الوطنية لمختلف المراحل الدراسية، بما يتيح لهم الوقوف على رموز ومنشآت ومعالم، تتحدث عن عطاء الوطن وممتلكاته، كشواهد تحمل تاريخه وتراثه، ومنجزاته ورموزه الحاضرة والماضية، التي توثق تاريخ وطن وتسجل نهضة دولة، بمختلف مراحل تنميتها بمنشآتها، وبتسلسل مسيرتها وتكوينها، كدولة تتمتع بالاستقلالية والوحدة، والمكانة على المستوى الإقليمي والدولي.

أن يكون عَلمُنَا متميزاً بكلمة التوحيد والشهادة، لا شك أن ذلك يعطيه زخما خاصا وقيمة معنوية عميقة، وقوة رمزية بالثبات في العقيدة وثقة بالمسيرة، فيه شموخ واعتداد براية التوحيد وسموها، فيه تأكيد على تمسكنا بثوابتنا واعتزازنا بديننا وأنه شعارنا وفخرنا، الذي يستحق أن يظل خفاقاً عالياً.

تعزيز تأثير الفعاليات الوطنية وتعظيم مردودها المستهدف، يتطلب مشاركة مجتمعية بأنشطة متنوعة، تستقطب مختلف الشرائح والأذواق، لتشارك في الاحتفال بأساليب مختلفة، تترجم معنى الحدث وتثُري ذائقة المشاركين وتغذي عقولهم، بمعانٍ ومعلومات تضيف إلى رصيدهم المعلوماتي عن الوطن ورموزه، وأن تُحيى المناسبة بمستجدات مبتكرة وإبداعية، تناسب ما نعيشه من تغيير وتطور في مجالات الترفيه والثقافة، وغيرها من المجالات التي يمكنها المساهمة، في تحديث محتوى الفعاليات وانسجامها مع الحدث الحاضر.

يساهم الإعلام هو الآخر، وبقوة بوسائله المختلفة، في تعظيم الأثر ومردوده، بالاحتفال بالمناسبات الوطنية عبر برامج وفعاليات متنوعة، تجذب المتابع لها وتضيف إلى معرفته التقليدية، مزيد من المعلومات ذات الصلة بالمناسبة ومستجداتها، جميع ذلك يحتاج لتجديد وإبداع وتطوير في الإعداد والتنفيذ والإخراج، لتحصيل قوة التأثير وجودته، للتمكن من المنافسة في خضم ازدحام الإعلام ببرامج وفعاليات، تجتذب مختلف الشرائح والأعمار والأذواق.

ولعله من المناسب أن تقيم إدارات التعليم والمدارس والجامعات، مسابقات تنافسية بين المدارس موجهة نحو تقديم أنشطة إبداعية، لتعزيز المواطنة بمختلف رموزها ومناسباتها، التي يحتفل بها الوطن، وأن تُخصص لها جوائز تشجيعية لتحفيز الطلاب، نحو إثراء معلوماتهم عن ثقافتهم الوطنية وموروثهم التاريخي والثقافي والوطني، بمختلف محتواه وقيمه الراقية.