تعود صناعة المكملات الغذائية إلى عام 1990م لكنها لم تشتهر على نطاق واسع إلا في القرن الواحد والعشرين. كلمة المكملات الغذائية هي كلمة فضفاضة جدًا وتشمل الأغذية والفيتامينات والمعادن والأعشاب وحتى البروتينات. في عام 1980م اقترح الدكتور ستيفن دو فيلس مصطلح المغذيات (Nutraceuticals) عبر دمج كلمة غذاء مع كلمة دواء لتشير إلى نوع خاص يقع في المنطقة الرمادية بين الدواء والغذاء ويمكن تعريفها باختصار بأنها المواد المشتقة من الغذاء لغرض الاستطباب - علاج أو وقاية من الأمراض. أدى الوعي العام المتزايد بالمكملات والطب البديل إلى تزايد الطلب على المغذيات خاصة أثناء وبعد جائحة كورونا التي أثارت الرعب في قلب العالم.

اليوم يقدر حجم سوق المغذيات عالميًا بـ 454.5 بليون دولار أمريكي في عام 2021م.

في منطقة الخليج العربي، يتوقع أن يصل حجم السوق إلى 31 بليون دولار في عام 2032م وبمعدل نمو سنوي تركيبي (CAGR) %11.


هذا النمو الكبير عائد إلى زيادة نسبة الشباب في المجتمع وارتفاع دخل الفرد والاهتمام بنمط الحياة الصحي مع زيادة الوعي بالمكملات الغذائية وفوائدها -سواءً كانت هذه الفوائد صحيحة علميًا أو خاطئة- وسهولة الوصول إليها عبر المتاجر الإلكترونية المحلية والعالمية حتى أن أمازون يتيح للزبون خاصيّة الاشتراك الشهري في المكملات بحيث يتم الشراء والشحن تلقائيًا كل شهر.

أيضًا مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في تمرير بروباقندا الشركات العالمية وبأساليب جذابة تركز على المظهر الجذاب والقوة. المملكة العربية السعودية هي أكبر دول الخليج استهلاكًا للمكملات الغذائية، حيث يتوقع أن يصل حجم السوق إلى 367 مليون دولار بحلول عام 2026 وبمعدل نمو سنوي 8%.

على الرغم من حجم الإنفاق الخليجي والسعودي الكبير لا يزال السوق يعتمد -شبه كليًا- على الاستيراد من الشركات العالمية مثل فايتابيوتك وهيربال لايف ونيتشرز وي وأركوفارما، إضافة للشركات الدوائية الكبرى مثل باير وفايزر وأبوت. من التجارب المشجعة لنا تجربة الهند الصناعية.

بدأت الهند في وقت متأخر نسبيًا في عام 2016م بسن نظام المكملات الغذائية واستطاعت أن تحقق معدل نمو غير مسبوق في وقت وجيز، حيث يتوقع الاقتصاديون أن يستمر النمو بمعدل (CAGR) %21 لتصل الهند إلى الاستحواذ على 3.5% من الاقتصاد العالمي للقطاع في عام 2023م.

وهنا سأذكر أهم العوامل التي ساعدت على ذلك باختصار:

أولًا تخطيط الأراضي الزراعية الغنية، ثانيًا توفير المواد الأولية للصناعة خاصة أن الهند لديها موروث كبير في طب الأعشاب، ثالثًا تأسيس نظام صناعي حديث وقوي يدعم الإنتاج بمعدلات عالمية، رابعًا الاهتمام بالمشاريع الناشئة حيث يوجد فيها حوالي 7500 مشروع صناعي ناشئ. خامسًا دور الأكاديميا، حيث بدأت الجامعات بدعم البحوث في هذا المجال وإدخال مناهج صناعية في مقرراتها على مستوى الدراسات الجامعية والعليا.

بحسب بحثي عبر المصادر المتاحة، لا توجد لدينا مصانع متخصصة في هذا القطاع سوى مصنع جمجوم الدوائي (جمجوم فارما)، وهي من الشركات الدوائية الحديثة التي بدأت أعمالها في 2000م في مدينة جدة وافتتحت خط إنتاج خاص بالمغذيات (JP Nutraceuticals) لتغطية جزء من الاحتياج المحلي.

لا يزال السوق خصبًا للاستثمار ويستحق المنافسة على أكبر حصة ممكنة من السوق النامية في منطقة الشرق الأوسط.