مع بداية هذا الأسبوع تبدأ الإجازة الصيفية المدرسية، والتي سيقضيها بعضنا في الترحال داخلياً وخارجيا.. وبمناسبة ذلك نظمت جمعية أصدقاء مرضى الزهايمر الخيرية بمنطقة مكة المكرمة ندوة ثقافية عامة بعنوان (طب السفر)، وذلك ضمن أهدافها التوعوية والاجتماعية. الندوة التي نسقتها بكل احترافية د. نسرين جستنية استشارية أمراض كبار السن والشيخوخة؛ قدمها مشكورين ثلاثة من أبرز أطبائنا السعوديين المميزين وهم: د. أيمن بدر كريِّم استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم، ود. غسان ولي استشاري الأمراض المعدية والباطنة، ود. ياسر فادن استشاري طب الجنين والحمل عالي الخطورة. وقد حفلت بمعلوماتٍ رائعة عن السفر والصيف والصحة، والإجازة والنوم، والمرأة الحامل والسفر.
طب السفر ظهر في عام 1981، لمَّا لوحظ أن المسافرين معرضون للإصابة بمختلف الأمراض المعدية والإصابات المختلفة. ويشتمل هذا التخصص على عدد من التخصصات التي تزداد الحاجة إليها في السفر مثل الأمراض المعدية كإسهال السفر الذي يصيب ما بين 20% إلى 30% تقريباً من المسافرين، والملاريا والدرن وغيرها، ومثل طب المناطق الاستوائية، وصحة البيئة، والطب المهني وغير ذلك. بداية أقول قد يتهيأ للقارئ أن المسافر فقط هو المعرض للأمراض المعدية، وهذا غير صحيح، فمن يجلس في موطنه معرض لها أيضاً، إلا أن المسافر يتعرض لذلك أكثر بسبب الإجهاد والمتاعب الأخرى العديدة كعدم التعود على الحركة، وما يصاحبها من نزول وصعود، وحمل الأمتعة، وتغير المناخ، وطبيعة الأراضي المسافَر إليها، والمشقة الجسمانية الناتجة عن الفوارق الزمنية، والمشقة النفسية بسبب الغربة، وغير ذلك.
من المصادر المهمة عن طب السفر موقع موسوعة الملك عبد الله بن عبد العزيز العربية للمحتوى الصحِّي، التابع للشُّؤون الصحِّية بالحرس الوطني (kaahe.org)، وفيه نصائح لما قبل السفر كالتأمين الصحِّي في الخارج، واستعمال اللقاحات قبل 4-6 أسابيع من السفر، وتجهيز أساسيات عدة السفر كالمواد المطهِّرة، والإسعافات الأولية، وما يساعد على الوقاية من الشَّمس، ومضادات التحسُّس والإسهال وطارد الحشرات واستعماله خصوصاً ما بين الغَسَق والفجر.. حماية الجلد من التعرُّض للشمس في السفر مهمة، ومما يساعد على ذلك البقاء في الظلِّ ما بين الساعة 11ص و 3م، والعمل على لبس ملابس طويلة وقبَّعة ونظَّارات شمسيَّة.. والوقاية من اضطرابَ الرحلات الجوِّية الطويلة، أو ما يُدعى بتلكُّؤ أو تعب الطيران ـjet lag ـ كذلك مهمة، ومما يحقق ذلك النهوض من المقعد، والتجول في الممرَّات، وتمطيط الساقين، وشرب السوائل بانتظام، وارتداء ملابس مريحة، وجوارب ضاغطة للتقليل من حدوث جلطات الساقين. كما أنه وللتغلُّب على ما يُدعى اضطرابَ الرحلات الجوِّية الطويلة، يحسن تعديلُ الساعة والعادة حسب وجهة السفر الجديدة سريعاً. كما يحسن بالمسافر ـ والمقيم ـ النوم والنهوض المبكر، ففيهما الصحة والثراء والحكمة، كما يحسن أيضاً الحذر عند اجتياز الشوارع، والالتزام بوضع حزام الأمان.
موقع عالمي آخر هو موقع مركز مراقبة الأمراض (cdc.gov )ـ أتمنى تعريبه ـ مهم جداً لمعرفة أحدث النصائح الصحِّية بالنسبة للبلد التي سيسافر إليها الشخصُ؛ فقد يحتاج الشخصُ إلى لقاحات خاصَّة بالسفر إلى هذه البلاد، أو ربَّما يحتاج إلى البدء بالوقاية مقدَّماً من بعض الأمراض الموجودة هناك. خلاصة المقال أن السفر حالة ممتعة إذا حمى المسافرون أنفسهم من المخاطر المحتملة عبر الاستعداد والاحتياط الصحيحين. وكمْ أتمنى أن نعجل في بلدنا بإنشاء عيادات متخصصة في طب السفر.