انطلقت أولى الندوات الحوارية لمعرض الشرقية للكتاب ضمن مهرجان الكُتّاب والقُراء الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، عبر ندوة (دور المؤسسات الثقافية في صناعة التأثير)، بمشاركة عبدالله الراشد، مدير مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء"، والدكتور عبدالفتاح الحجمري، الباحث والناقد المغربي، وفالنتينا قسيسة، الرئيس التنفيذي لمؤسسة عبدالحميد شومان الأردنية، في حوار أدارته الدكتورة عهود اليامي، لتستعرض الدور المتوقع من المؤسسات الثقافية ومدى تأثيرها في نطاقاتها الجغرافية ومدى فاعليتها في الوقت الحاضر.

ففي البداية يرى الراشد أن المؤسسات تقيس أثر صناعة التأثير بالأرقام، مطالباً في الوقت نفسه المؤسسات الثقافية بحمل لواء الثقافة بعد أن تخلت كثير من الجهات عن دورها بهدف حماية الإرث الثقافي، فدور المؤسسات الثقافية أن ترفع الذائقة بعدما حدث كثير من الإرباك في المؤسسات الثقافية العالمية، لذلك حان دورها أن تعمل لهدف طويل الأمد، بحيث تعمل على التكيف مع كل مرحلة وفق مأسسة تلك الجهود.

وأكد أنهم في مركز "إثراء" يعملون على تقديم نموذج رائد في مجال البرامج الثقافية المصاحبة لمعارض الكتاب بالتعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة، إضافةً إلى التركيز على موضوع المعرض الأساسي "أدب الطفل" ومناقشة قضاياه من ناحية الصناعة والمحتوى، وتقديم أطروحات تعود إلى تحليل الوضع الراهن المتعلق بأدب الطفل لإنتاج توصيات من ذوي الاختصاص، وكذلك إثراء المحتوى العربي الرقمي عن طريق الواقع المعزز والواقع المدمج، حيث تعمل "إثراء" منذ ثلاث سنوات على إنتاج محتوى سعودي خليجي عربي على المنصات الرقمية والتعامل مع التقنيات الحديثة، منذ أن فتح المركز أبوابه في عام 2018م، ويأمل أن يكون "إثراء" سوقاً إثرائياً يساعد على دعم الثقافة، حيث يزور المكتبة نصف مليون زائر سنوياً، وحضور المعارض يغطي 90% من السعة المخطط لها.


أما الدكتور عبدالفتاح الحجمري، الباحث والناقد المغربي، فأكد أن هناك محدودية للتجربة الثقافية في العالم العربي في الترجمة، معدداً بعض العوائق التي تواجه الثقافة العربية؛ منها التوزيع والبيع والترجمة، لافتاً إلى أن المؤسسات الثقافية مرتبطة بمفهوم الثقافة كدور تنويري، مشدداً على ما يسمى "العمران الثقافي" وبناء مدن حديثة ذكية لتقوم بدورها في الثقافة، موضحاً أن الثقافة تزدهر في الأزمات، ومشدداً على ضرورة التربية بمفهوم الثقافة لدى العائلة العربية، مستشهداً بأن التخطيط الثقافي في الدول العالمية يبنى عليه المخططات الأخرى مثل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وتناول د. الحجمري دور المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) في الجانب الثقافي، قائلا: إنها منظمة متخصصة مقرها تونس، تعمل في نطاق جامعة الدول العربية وتعنى أساساً بالنهوض بالثقافة العربية بتطوير مجالات التربية والثقافة والعلوم على المستويين الإقليمي والقومي، والتنسيق المشترك بين الدول العربية الأعضاء. وقد أنشئت المنظمة بموجب المادة الثالثة من ميثاق الوحدة الثقافية العربية وتم الإعلان رسمياً عن إنشائها بالقاهرة يوم 25 يوليو 1970م.

وبدورها، سلطت فالنتينا قسيسة، الضوء على الدور الثقافي والتنويري لمؤسسة عبدالحميد شومان الأردنية التي تأسست عام 1978م، بمبادرة غير ربحية من قبل البنك العربي عبر تخصيص جزء من أرباحه السنوية لإنشائها، إيمانًا منه بأهمية بذل الجهد في بناء الأرضية للتقدم العربي، من خلال دعم الاقتصاد الوطني بالتوازي مع الاعتناء الجاد بتشجيع البحث العلمي والدراسات الإنسانية والتنوير الثقافي والابتكار المجتمعي، ويتحقق ذلك من خلال الأركان الثلاثة التي تقوم عليها المؤسسة وهي: الفكر القيادي، الأدب والفنون الابتكار المجتمعي، مؤكدةً أن المحتوى العربي على الشبكة العنكبوتية قليل، مطالبة بالتواجد العربي في مجال الكتب الرقمية، فهناك من يعتبر الثقافة ليست ذات أولوية لذلك نجد النشر قليلا مع تخفيض ميزانيات الثقافة وعدم الاهتمام.