كان حديثنا في المقال السابق عن الأوقاف تعريفا وعرجنا على تجارب عالمية، وهنا سنكمل عن الأوقاف في المملكة العربية السعودية.

وللحديث قليلاً عن تاريخ الأوقاف في السعودية فهي قديمة من باب الممارسة، وقديمة من ناحية التنظيم الذي بدأ عام 1344 أي قبل قرن من الزمان، حتى تطور إلى صدور قرار تأسيس الهيئة العامة للأوقاف عام 1431 أي قبل 15 سنة من الآن.

وصدر نظامها في عام 1437، وتعني الهيئة بتنظيم الأوقاف وحوكمتها والمحافظة عليها وتطويرها وتنميتها، بما يحقق شروط واقفيها وحماية الأوقاف من الإهمال والضياع وسوء الإدارة، وكذلك لتعزيز دور الأوقاف في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتكافل الاجتماعي، ورفع مساهمتها في ذلك.


وللأوقاف والعمل غير الربحي نصيب في رؤية المملكة 2030، حيث تهدف الرؤية إلى رفع المساهمة من %1 إلى %5 من الناتج المحلي بحلول 2030، وقد أقيم في المملكة العربية السعودية عدة مؤتمرات تعتني بالأوقاف ومستقبلها وسبل تطويرها، وصدرت عدة قرارات وتنظيمات وإجراءات تصب في مجموعها لصالح الوقف.

وللمملكة العربية السعودية تجارب رائدة في مجال الأوقاف، فلدينا وقف الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ووقف الشيخ سليمان الراجحي، وغيرها من الأوقاف الكثيرة والمتنوعة، ومن اللطائف الجميلة أن لدينا وقفا بعمر يتجاوز 1420 سنة، وهو وقف أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه– في جبل عمر.

ومع اختلاف الأرقام عن عدد الأوقاف في السعودية، ولكنها قد تصل إلى 113 الف وقف، بقيمة تتجاوز 235 مليار ريال.

وقد عانت الأوقاف في العالم الإسلامي عامة مشاكل متنوعة وإهمالا وسوء إدارة، وكانت في سبات عميق لقرون عدة، فهناك أوقاف معطلة لأسباب مختلفة (الأوقاف المعطلة هي الأوقاف التي انتهت المنفعة منها تماما)، وهناك أوقاف متوقفة (وهي التي بدأ العمل بها ولم يكتمل)، وكلاهما يشتركان بعدم القدرة على الانتفاع بهما، ولهذين الأمرين أسباب عدة منها أسباب تتعلق بالوقف أو بالنظار أو بمصاريف أو بالتشريعات أو بالظروف المحلية، وهي أوقاف لابد من الاهتمام بها وإعادة تفعيلها بكل المعضلات المتعلقة بها و إزالة الأسباب.

كما أن هناك أوقافا كثيرة مجهولة، لا يعرف أصحابها ولا مستحقوها منها ما ترعاه الدولة، ومنها ما هو مجهول حتى الآن، كذلك بعض الأوقاف هي أراض بيضاء لا يستفاد من ريعها، وهذا يدخل في باب سوء الإدارة (بقصد أو بدون قصد).

للحديث بقيه..