أغلب الأمراض والمشاكل لا بد أن تحمل علامات ومؤشرات في بدايتها. وتبدأ العديد من المشاكل والأمراض بأعراض قد لا تكون ملحوظة لدى البعض، لكن بإمكاننا ملاحظتها بحواسنا الخمسة فقط. وأحيانا بواسطة تشخيص وفحوصات مخبرية، لذا فإن التوعية في مجال الأعراض والأمراض وعلاجها مهم جدًا. علاوة على ذلك فهي ضرورة لتشجيع الكشف مبكرًا عنها لكي يتم علاجها بشكل فعال. وذلك إذ ما أنزل الله عز وجل من داء إلا وقد أنزل له شفاء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داء إلا قد أنزل الله له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله» صدق الرسول الكريم. فإذا علم المريض أن لدائه ومرضه علاجا كان مستبشرا، بل وأعانه ذلك على تجاوزه وقل وخف عليه ثقل المرض وقويت همته وزاد عزمه. وإن لكل داء وعلة دواء يؤثر عليه ويعالجه إذا أصبناه واهتدينا إليه. كما وأن المعرفة والإلمام بالأعراض والتشخيص الجيد للأمراض يقود للنجاح في معالجة الداء بمشيئة الله عز وجل.

ومن حكمة الله عز وجل ليعلم ويرى المؤمن المطيع الراضي من الساخط، أن يختبره ليرى ما هو فاعل. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء».

وليس العلاج بالكمية والكيفية في بعض الأحيان، وإنما كلها إثبات الأسباب والتوكل على الخالق والاعتقاد بأنها بإذن الله تعالى وقدره.


استعمال العقاقير والأدوية لا ينافي التوكل على الله، إذا اعتقد أنها تنفع بإذن الله وتقديره، وأنها لا تؤثر إلا بإرادة ومشيئة الله عز وجل. فإن تقوية نفس المريض المصاب بأعراض مرض ما تساعده على مكافحة المرض وتشجعه على مقاومة العرض والمرض معا، متى تعلق قلبه بالرجاء وفتح أبواب الأمل. ومن أهم أنواع العلاج قوة القلب في اعتماده وتوكله والتجائه إلى خالقه والصدقة والدعاء والاستغفار والإحسان. قال تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت}، وقال تعالى: {ومن توكل على الله فهو حسبه}، وقال تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها}، وقال تعالى: {وأولئك هم المفلحون} صدق الله العظيم.

التوكل على الله عز وجل يورث العمل الصالح، وإن التفويض والتسليم له عز وجل يورث الاطمئنان والاستقرار. فالتوكل على الله عز وجل من الإيمان.

فاللهم إنا نسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك. والتوكل على الله عبادة، ومن حسن ظنه بالله عز وجل لا يخيب أمله ولا يضيع عمله. ومتى وصل الإنسان إلى اليقين امتلأ قلبه نورا ورضا وذهب كل شك وخوف. وإن اليقين أن يحمد الإنسان ربه عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. وإن تعلم اليقين هو ضرورة، فلا يستطاع العمل إلا باليقين. ولقد علمت بأن رزقي لن يأخذه غيري فاطمأن قلبي له، وعلمت أن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به، فلله ما في السموات وما في الأرض وما فيها وما تحت الثرى.

إن التوكل والاعتماد على الله عز وجل بتفويض الأمور كلها له واليقين بحسن اختياره لنا سبب من أسباب الحصول على الرزق، وشفاء المرض وفي ذلك عبادة وتوحيد. فلا نتكل على غير الله عز وجل لكي لا يوكلنا إلى من اتكلنا عليه. قال تعالى {فلا أعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلًا} صدق الله العظيم. والسعي في طلب الرزق والعمل مباح. فينبغي علينا أن نحرص على الكسب وطلب الرزق بالوسائل المباحة التي أباحها الله وأحلها. قال لقمان لابنه: يا بني فلتكن سفينتك فيه تقوى الله عز وجل، وحشوها الإيمان بالله تعالى، وشراعها التوكل على الله عز وجل. كذلك ومن أراد أن يعرف معرفته بالله عز وجل فلينظر إلى ما وعده الله عز وجل ووعده الناس، فبأيهما قلبه أوثق؟!!.

وقال ابن القيم رحمه الله: «المؤمن المخلص لله من أطيب الناس عيشا وأنعمهم بالا وأشرحهم صدرا وأسرهم قلبا، وهذه جنة عاجلة قبل الجنة الآجلة».