يحرص الطالب بالمرحلة الابتدائية محمد عبدالله على شراء ألعاب البلاي ستيشن التي تحمل مقاطع الحرب، ويعترف أن أغلب هذه الأشرطة تعطي دروسا في تعلم فنون القتال، والكيفية التي يستطيع من خلالها أن يقتحم الشاب عالم الإجرام والقتال.

ولكن الأشرطة التي يقتنيها محمد وغيره من الأطفال قد لا تقتصر على العنف، بل قد تمتد إلى أشياء أخطر، فهناك أشرطة تحمل معتقدات وثنية ومقاطع إباحية، وإرهابا، ومشاهد مختلفة تخبئ داخلها أفكارا هادمة، يتداولها الأطفال في مراحل عمرية مختلفة، ويروج لها أصحاب محلات البلاي ستيشن مستغلين ضعف الرقابة من قبل الجهات المختصة.

"GOD OF WAR" لعبة إباحية يستخدمها الأطفال ولعبة أخرى اسمها "حرامي السيارات" تحمل مقاطع إباحية.

ويقول صاحب محل "الإثارة" لبيع أشرطة البلاي ستيشن أبو تركي "تحصل المحلات على هذه الأشرطة من أشخاص يعرفون لدى الجميع بـ"تجار الشنطة"، ويتم إدخالها عن طريق الجمارك من إحدى الدول الخليجية، مؤكدا أن هناك جولات للمراقبين، لكنهم لايستطيعون كشف هذه الأشرطة لسهولة إخفائها، مشيرا إلى أن الأشرطة الممنوعة تتنوع فتحمل العنف مثل شريط "xxxbM" الذي يتضمن مقاطع إباحية، وشريط "العراب الثاني" وهو يحمل طابع الوثنية".

ويكشف مدير الإعلام الداخلي في وزارة الثقافة والإعلام أحمد محمد السميري لـ"الوطن" أن "عدد المراقبين المتواجدين لدى الوزارة غير كاف للقيام بجولات ميدانية رقابية على محلات بيع أشرطة البلاي ستيشن، موضحا أن هناك جهتين، تشاركان في الرقابة، الأولى مكونة من قبل الإمارة والاستخبارات تراقب المطابع، والثانية لجنة من قبل وزارة الثقافة والإعلام تتكون من ستة مراقبين مقسمين على مدينة جدة، مهمتهم مراقبة أكشاك بيع الأسطوانات وأشرطة البلاي ستيشن، وأفلام DVD".

وأضاف أن هناك صعوبة تواجه وزارة الثقافة والإعلام في الرقابة على جميع أصحاب محلات بيع أشرطة البلاي ستيشن، مبررا ذلك بأن معظم هذه المحلات غير مرخص لها، إلى جانب ظهور بائعين متجولين يروجون لهذه الأفلام التي تتضمن بعض المقاطع المخلة بالآداب إلى جانب مقاطع العنف.

وأضاف السميري أن "هذه الأشرطة يتم إحضارها للمملكة عن طريق التهريب، وذلك للكسب المادي، وهذه من الأمور المخالفة التي يكون لها مردود سلبي على الأطفال"، موضحا أن هناك تعاونا مع أمانة محافظة جدة في توجيه مراقبين لأصحاب الأكشاك ومصادرة أفلام البلاي ستيشن المنافية للأخلاق، أما المحلات المرخص لها فهي تستغل المراهقين والأطفال في الترويج لهذه الأشرطة التي تحمل مقاطع خارجة، وأخرى تحفز على ممارسة العنف والقتل.

ويرى الأخصائي النفسي عبدالرحمن الصبيحي أن كثيرا من أفراد المجتمع لا يعطون أهمية لقضايا الأشرطة الإباحية التي تغزو أفكار الأطفال عن طريق أفلام البلاي ستيشن، وذلك لعدم معرفة خطورة هذه الأشرطة على النشء، ولأن الآباء والأمهات تشكلت لديهم كافة القضايا، فلا يكون في اعتقادهم أن هذه الأشرطة لها تأثير على توجهات الأطفال.

وأضاف أن مشاهدات أشرطة البلاي ستيشن التي تحمل مقاطع عنف يكون لها مردود سلبي على الطفل في الكبر، وذلك في مرحلة الشباب حيث يندفع الشاب إلى الممارسة الخاطئة عند السفر خارج البلاد، ويكون هذا الشاب عبئا على المجتمع نتيجة مشاهدة هذه الأشرطة التي تولد لدى الأطفال حب العنف والإرهاب، والممارسات الخاطئة.

وأكد الصبيحي أن النصح والإرشاد من قبل الوالدين أمر لا بد منه، كذلك مراقبة الأشرطة التي يتداولها الأطفال، ومعرفة محتواها، وتعريف الأطفال بمخاطر تلك الأشرطة التي تحتوي على مقاطع خارجة.

من جهته أكد أخصائي علم اجتماع الجريمة بقسم الدراسات الاجتماعية في جامعة الملك سعود الدكتور حميد خليل الشايجي أن السلوك الإنساني سلوك مكتسب سواء أكان سلوكا سلبيا أو إيجابيا، والإنسان يتأثر في هذا السلوك بما حوله كالإنترنت، والبلاي ستيشن، والقنوات الفضائية، لذلك نجد أن أشرطة البلاي ستيشن التي تحتوي على العديد من مقاطع العنف لها تأثير واضح بين الأبناء.

وأضاف أن "هذه الأشرطة في الدول الغربية يوجد عليها تقييم، وذلك عن طريق كتابة حروف ورموز وتحذيرات على الشريط تحمل طابع التوجيه، وعملية التقييم تعطي فرصة للوالدين للمراقبة، بينما نحن نفتقر لوجود مثل هذه القوانين في الدول العربية، وذلك لعدم وجود قانون صارم يمنع بيع أشرطة البلاي ستيشن الحاملة لمقاطع العنف والإباحية من قبل الجهات المعنية في الداخل، والسماح لترويج هذه الأشرطة للأطفال بأعمار مختلفة عن طريق بيعها داخل المحلات المصرح لها".

وأكد أن أشرطة البلاي ستيشن تكسب الطفل شخصيات مختلفة، ويمكن أن يصبح شخصية عدوانية، فبعض أفلام الحروب تحرض على كره الأطفال للشعوب الأخرى، كذلك يعتاد الطفل على كسر القانون للبحث عن اللذة والممنوع، وهذه من الأمور السلبية التي تكون عواقبها وخيمة في المستقبل.