وطالب بتوجه المجتمع بمؤسساته الحكومية والمدنية إلى إنشاء مراكز الفكر المحلية ودفعها نحو إقامة العلاقات وتوقيع الاتفاقات مع مراكز الفكر العالمية واستقطاب الباحثين والعمل على تحقيق أكبر الفوائد وتطوير المهارات والتقنيات المعرفية.
نادي التاريخ
بين السلمي خلال حديثه في محاضرة لنادي تاريخ المدينة المنورة بعنوان «مراكز الفكر في المملكة: الواقع والمأمول» أن رؤية المملكة 2030 جاءت محفزة لنمو القطاع غير الربحي ومن ذلك مراكز الفكر في المملكة، وذلك من خلال إشراك مؤسسات البحث العلمي في خدمة قضايا المجتمع إذ أقرت الرؤية ضمن بنودها أن مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج الإجمالي للمملكة سيكون 5% بحلول 2030 وهو ما عزز انتشار المراكز والمؤسسات الفكرية وأصبحت إحدى الفواعل الرئيسة التي تساعد صناع القرار في رسم التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
صناع القرار
أوضح السلمي أن الدول العربية ما تزال بحاجة إلى كثير من المراكز الفكرية والسعي الجاد إلى تكوين مراكز فكرية قادرة على مواجهة سيل البحوث والدراسات المعادية، مشيرًا إلى أن هناك خلطًا بين مراكز الأبحاث والدراسات وبين مراكز الفكر، والتمييز بينها يكمن بأن مراكز الأبحاث والدراسات لا ترمي إلى أبعد من الغايات الأكاديمية الصرف، أما مراكز الفكر فهي تستهدف غايات إستراتيجية محددة من خلال سعيها إلى المساهمة في صنع السياسات من خلال تقديم رؤى وطرح البدائل والخيارات بما يدعم عمليات صنع القرار ورسم السياسات.
آلاف المراكز
عدّ السلمي العلاقة بين مراكز الفكر وصانع القرار ضرورية لرسم السياسات العامة وتطبيقها، مشيرًا إلى أن الألفية الجديدة شهدت انتشارًا لمراكز الأبحاث الفكرية في جميع العالم ورصدت جامعة بنسلفانيا مئات مراكز الفكر في أمريكا، وأكثر من 12 ألف مركز بحثي وفكري ومؤسسة أهلية حول العالم، وأغلبها مؤسسات غير حكومية وغير ربيحة، وهي أهلية لا تهدف من خلال أعمالها للتربح والتكسب من منتوجها الفكري، مؤكدًا أن الأصل في مراكز الفكر أنها سلمية ثقافية تهدف إلى مساعدة صناع القرار في صنع السياسات الخارجية والداخلية لبلدانهم.
ترشيد صناعة القرار
تتولى مراكز الفكر دورًا رائدّا ومتقدمًا في قيادة السياسات العالمية، باعتبارها أداة رئيسية لإنتاج عدد من المشاريع الإستراتيجية وانتشرت مؤسسات فكرية أهلية حول العالم يصعب حصرها مثل (إن جي أو NGOs) وتستهدف تلك المؤسسات الأهلية المناطق غير المستقرة في العالم.
وتعد اليمن مثلا إحدى الدول التي تلعب المؤسسات الأهلية دورًا فاعلًا فيها، كما أن للمؤسسات غير الربحية دور فاعل في مصر والمغرب العربي والأردن وسوريا.
خبرات ومفكرون
ذكر السلمي أن مؤسسات الفكر هدفها صناعة المعرفة وتقوم على مجموعة من الأكاديميين والخبراء وأصحاب الفكر والمناصب من الوزراء والسفراء السابقين، والمفكرين والباحثين الذين يعملون خارج الصندوق - غير منتمين لأي عمل أو وظيفة حكومية - لإنتاج فكر يرشد صناعة القرار في بلدانهم.
خارج الصندوق
نجحت المراكز والمؤسسات الفكرية في أن تنتج أفكارًا ثقافية خارج الصندوق وتفكر بطريقة مختلفة عن صانع القرار من خلال دراسات وبحوث ميدانية تعتمد على الوصف وتقديم التوصيات بعيدا عن المؤثرات وظروف العمل السياسي وهو سر نجاح مهامها الفكرية الموجهة.
وقسم الباحث تطور المؤسسات الفكرية إلى 4 مراحل، الأولى وهي مرحلة النشأة وكانت ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، والمرحلة الثانية هي ما بعد الحرب العالمية الثانية، أما المرحلة الثالثة، فشهدت نموًا وتطورًا في أعمالها في الستينيات والسبعينيات إلى التسعينيات الميلادية، أما الرابعة والأخيرة فهي مرحلة الألفية الجديدة وهي زمن تطور وانتشار مؤسسات الفكر وتعدد الأغراض ودخول المؤسسات الفكرية السلمية وغيرها وانتشارها في جميع أنحاء العالم.
بيت الحكمة
اوضح السلمي أن (بيت الحكمة) الذي أسس زمن الخلفاء العباسيين الذين حكموا بغداد بين 750 و1258 للميلاد قد يعد أول المراكز والمؤسسات البحثية والثقافية في العالم، حيث أنشأ للمساهمة بما يستطيع في صنع قرار رشيد بناء على منهجية علمية رصينة تساعد صانع القرار المشغول بأعباء الدولة بتقديم حزمة من المعلومات المثرية للموضوع المستهدف، إذ ابتدأ الخليفة العباسي هارون الرشيد إنشاء بيت الحكمة لهذا الغرض وازدهر في زمن الخليفة المأمون الذي كان يتردد إلى بيت الحكمة بانتظام للتباحث مباشرة مع الخبراء والمستشارين والمترجمين وأصحاب خزانة الكتب في آخر ما انتهت إليه البحوث، وإن كان بيت الحكمة لم يطلق عليه مسمى «مراكز الفكر» وهو مسمى حديث للغاية.
فيصل الخيرية
خلقت السنوات الـ7 الماضية مسارًا فكريًا صاعدًا وبقوة يؤمن بأهمية مراكز الفكر ودورها السياسي والتنموي، وخلقت رؤية 2030 بيئة مناسبة لفتح المراكز الفكرية في المملكة.
ونوه السلمي إلى أن المملكة شهدت منذ وقت مبكر وجود مؤسسات فكرية أسهمت في إيجاد حلول للأزمات العالمية وصناعة السياسات.