مرة جديدة، هي السابعة، يحاول اتحاد كرة القدم توثيق تاريخ اللعبة في المملكة، حيث أعلن الأسبوع الماضي عن مشروع جديد لتوثيقها بما يضع حدا ينهي أزمة التوثيق التي بذلت من قبل 6 محاولات لتخطيها، لكنها جميعها بقيت بلا نتائج، حتى حولت التوثيق إلى أشبه ما يكون بحلم مستعص يمتد منذ 5 عقود دون أن يرى النور.

وكان اتحاد القدم، وكذلك وزارة الرياضة بمختلف مسمياتها
يحاولان الوصول بمشروع التوثيق إلى نهايته المأمولة، لكن كل المحاولات كانت توأد في مهدها.

عوامل محبطة


تسببت 5 عوامل في عدم حسم جدل توثيق البطولات سابقا، وتمثلت في: الاستقالات، ورفض الأندية، وعشوائية اللجان، وعدم المعرفة بالتاريخ الرياضي، والتعصب والميول.

مرحلة مبكرة

مر تاريخ توثيق البطولات بعدة مراحل، وبدأت أول المحاولات في عهد الأمير خالد الفيصل عندما كان مديرا لرعاية الشباب عام 1389، إلا أنها انتهت بعد مغادرته.

أعذار التجهيز

عادت المحاولات مرة أخرى بداية التسعينيات في عهد الأمير الراحل فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب آنذاك، إلا أنها توقفت بداعي تجهيز الأخضر للتأهل لمونديال كأس العالم 1994.

فشل الثالثة

جاءت المحاولة الثالثة في عهد رئاسة الأمير سلطان بن فهد، وتم تشكيل فريق عمل إلا أنها باءت بالفشل وتوقفت بشكل نهائي.

وفي 2008 -
2009 ولدت لجنة الإعلام والإحصاء برئاسة مساعد العبدلي لرصد وتوثيق بطولات كرة القدم، إلا أنه استقال وقتها، وحل بديلا عنه أحمد صادق دياب، وتم وضع المعايير والخطط، ورفعها لرعاية الشباب، ولم يتم البت فيها ليستقيل من منصبه بعدها.

مغادرة أوقفت الرابعة

أحيا الأمير نواف بن فيصل المحاولة الرابعة لتوثيق التاريخ الرياضي، وتشكيل لجنة للعمل باسم لجنة الدراسات والتوثيق برئاسة محمد القدادي، والتي لم تستكمل عملها بعد مغادرة الأمير نواف بن فيصل كرسي الرئاسة.

وفي عهد الأمير عبدالله بن مساعد للهيئة العامة للرياضة، ورئاسة أحمد عيد لاتحاد الكرة، تم تشكيل فريق توثيق تاريخ الرياضة السعودية، وصاحب تشكيل اللجنة جدل واسع
توقفت معه أعمال التوثيق.

استقالة توقف الخامسة

في 2015، بذلت المحاولة الخامسة بتشكيل لجنة برئاسة الدكتور عبدالرزاق أبو داوود استمرت أعمالها لمدة 60 يوما فقط دون استكمال العمل، قدمت معها اللجنة استقالتها.

جدل السادسة

في 2017 ــ 2018، تم تشكيل لجنة توثيق البطولات برئاسة تركي الخليوي في محاولة سادسة، إلا أن اللجنة واجهت سخطا وجدلا كبيرا وتشكيكا في النتائج، والتي انتهت بإصدار بيان توضيحي للهيئة العامة تضمن 6 محاور بإلغاء النتائج وعمل اللجنة المشرفة، وترك المجال للأندية لتوثيق بطولاتها.

السابعة ثابتة؟

تبدو المحاولة الحالية التي أعلنت الأسبوع الماضي واعدة، حيث أعلن اتحاد القدم برئاسة ياسر المسحل مشروع توثيق تاريخ الكرة السعودية بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، من خلال تقديم مشروع يؤرخ الأحداث التاريخية، عبر 4 جهات عاملة ممثلة في اتحاد القدم، والأعضاء المرشحين من منسوبي الأندية، وخبراء دوليين في التوثيق الرياضي، واستعانة فريق العمل بمن يرونه مناسبا للعمل في المشروع.

حراج وعشوائية

أسهم حراج البطولات والعشوائية بين الأندية، في ضياع هوية التوثيق التاريخي للبطولات، وتضرر الرياضة السعودية، وخسارة أبحاث علمية كانت ستعود إيجابيا لمصلحة الرياضة، في ظل سياسة الاستثمار الرياضي، إذ لاقى تحديد كل ناد بطولاته واعتمادها، تشكيكا في الوسط الرياضي.

اختلاف البدايات

استمر الخلاف على بداية تاريخ كرة القدم السعودية وقتا طويلا منذ سنوات طويلة، حيث يحاول البعض طمس تاريخ رياضي سبق عام 1974
ممثلا في بطولات المناطق، فيما زادت المطالب باعتمادها وفق منهجية واضحة والتفريق بين بطولات الدوري والكأس، وإلغاء البطولات الودية من التوثيق، وأشرفت 4 جهات على بطولات الدوري السعودي ممثلة في وزارة الداخلية، والتربية والشؤون الاجتماعية، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، والاتحاد السعودي لكرة القدم، وتشتمل على بطولات الدوري، وكأس الملك، وكأس ولي العهد، والسوبر، وكأس الاتحاد، إلى جانب البطولات الخارجية المعتمدة، والتي سيعتمد بطولاتها الاتحاد الدولي لكرة القدم، ففي حالة اعتماد توثيق البطولات منذ 1974، يتصدر الهلال قائمة المتوجين بلقب الدوري برصيد 18 لقبا، والنصر ثانيا برصيد 9 ألقاب، والاتحاد ثالثا برصيد 8 ألقاب، والشباب 6 ألقاب، والأهلي 3 ألقاب، والاتفاق لقبين، والفتح لقب وحيد، أما في حالة اعتماد التوثيق منذ 1956 يتصدر الهلال برصيد 18 لقبا، والنصر ثانيا برصيد 17 لقبا، وسيستفيد الأهلي في رفع عدد ألقابه إلى 9 بطولات دوري.

كرة قبل التأسيس

أكد رئيس اتحاد القدم ياسر المسحل في تصريحات سابقة، أن كرة القدم بدأت قبل تأسيس اتحاد القدم، مشيرا إلى أنه منذ التأسيس عام 1956 إلى الآن، هناك تاريخ ثري يستحق التوثيق، وأنه سيتم رصد جميع البطولات، ولن يتم إلغاء أي حقبة من تاريخ كرة القدم في المملكة، وسيتم توثيق البطولات منذ نشأة كرة القدم في الدولة السعودية وليس من تاريخ تأسيس الاتحاد السعودي لكرة القدم.

لائحة منهجية

بين المؤرخ الرياضي محمد القدادي الذي تولى في مرحلة سابقة رئاسة لجنة معنية بالتوثيق، أن
إرضاء الأندية صعب فيما يخص التوثيق ،مركزا على أهمية العمل التوثيقي بالمنهج العلمي والابتعاد عن الآراء الشخصية.

وأشار إلى الحاجة إلى لائحة مرجعية يتم السير عليها في التحكيم والتوثيق، مضيفا أن اللجان السابقة لم تضع لائحة مرجعية، وليس مقبولا ادعاء مؤرخ غير سعودي أن كأس الملك توقف 20 عاما.

وبين أن محاولات توثيق بطولات الأندية بدأت منذ عهد الأمير خالد الفيصل، ولكن المشروع توقف بعد مغادرته، وأن التوثيق الحالي سيركز على بطولات كرة القدم فقط، مؤكدا أن الموسم الرياضي 1377 للهجرة بدأ بكأس الملك وكأس ولي العهد، والمشاكل نشأت مع بداية الدوري الممتاز،
متوقعا أن اللجنة الحالية تحتاج 3 أعوام، ويجب عرض العمل عند الانتهاء منه على أعلى هيئة للخبراء في المملكة.

وأوضح أن
محاولات التوثيق السابقة لم تنجح لأنها لم تبنَ على أسس علمية أو قانونية تفترض المنهج العلمي الذي يجب أن يظهر في نصوص اللائحة المعتمدة والتي من دونها لن يكون هناك أساس ومرجعية قانونية للعمل، لأن إعداد اللائحة التي يفترض أن يتم العمل بها سيحدد كيفية العمل الصحيح وما يجب أن يحسب وألا يحسب وكيفية احتسابه في أي نظام وإذا حدث هناك خلاف واختلاف إلى ماذا تتم العودة كمرجعية قانونية وليس كشخص، بل مرجعية قانونية قائمة على ما صدر من أنظمة في حينه عند إعلان كل بطولة في كل موسم.

ودعا إلى الانتباه إلى عدم وضع بطولة محل بطولة فيجب التعامل مع البطولات وأنظمتها وفق ما صدر في حينه، ويجب ألا نتفاجأ عندما نرى البطولة نفسها تنقل من نظام إلى نظام أو جائزة إلى نظام.

تحول مسميات وأنظمة


أوضح القدادي أن جائزة كأس الملك بدأت بنظام الدوري ثم تحولت إلى خروج مغلوب ثم عادت لنظام الدوري ثم عادت لخروج المغلوب ثم ظهر النظام الآخر وهو المربع الذهبي على طريقة الدوري، كما كان يوجد من قبل بطريقة المناطق والنهائي لكأس الملك ثم تغيرت إلى كأس الملك للأبطال، واليوم بطريقتها الحالية بنفس طريقة خروج المغلوب التي اتخذت كنظام لكأس الملك في مراحل مختلفة شاركت بها كل أندية المملكة بدرجاتها المختلفة وأحيانا جزء منها أو بطريقة كأس الملك للأبطال بطريقة مختلفة يأخذون جزءا منها وأبطال مسابقات أخرى.

وتابع " لهذا
لم تتوقف بطولة كأس الملك كجائزة وليس كنظام قطعيا فهناك فرق أساسي بين جائزة وبين نظام المسابقة".

وأوضح "في السعودية والعالم كله نظامان يلعبان في موسم واحد وبعض إعلاميينا بل والمسؤولين يستخدمون مصطلحا غير صحيح (دوري وكأس) وهذا غير صحيح، فالأصل دوري لأن الصحيح هو دوري وخروج المغلوب ، لأنه إذا تم قول دوري وكأس هذه كانت عن مرحلة زمنية لمدة 30 سنة، لكن أول 20 سنة في المسابقات السعودية كانت تقام غالبا على كأسين وليس على كأس ودرع، باستثناء بضعة أعوام، ولأنه من عام 1427 للهجرة، أصبحت المسابقات تقام على كأسين، فعادت كما كانت في بداياتها، وبنى الجيل الجديد هذه التسمية غير المهنية على تلك المرحلة".

واستطرد " إذا تم اتباع المنهج العلمي وإصدار اللائحة يتم النجاح ويتحقق بإذن الله، وأما إذا تمت مخالفة ذلك وتقديم قوالب لنتائج جاهزة من السابق أو من دون منهج ليس لها ما يسندها فمصير هذا المشروع الفشل، داعيا إلى عدم الاستعجال في إخراج اللائحة فهي تحتاج إلى جهد ومراجعة من كل أعضاء الجمعية العمومية لإبداء الملاحظات، ثم يصبح الأمر تطبيق ما تم وتحقق من المسابقات ونتائجها سهلا وفق اللائحة".

تعمد الإفشال

كشف القدادي أنه قد يكون هناك من يتعمد إفشال العمل لعدة أسباب، منها الجهل، ومنها العجلة والسرعة، أو يكون المسؤول عن العمل غير متخصص وينقل ما يثار به في الإعلام، وكذلك الثقافة الشعبية التي تعد أحد العوائق، أو أن يكون لدى أحد أجندة خاصة به إما في الشعور واللا شعور يود تمريرها.

وبيّن أن لجنة توثيق بطولات النادي الأهلي التي هو عضو مستقل فيها نجحت لاتباعها المنهج العلمي فلم تضع بطولة إلا بأصلها الحقيقي وفي محلها الصحيح.

اعتراضات الأندية

عن أبرز اعتراضات الأندية على التوثيق، يقول القدادي "هو صراع متعاكس، فهناك أندية تريد أن تحرم أندية أخرى من بطولات مستحقة، وهناك أندية حجبت عن نفسها بطولات ودية من باب التعالي. وهذا وجه الخلاف فلا يجوز لها أن تحكم أو تكتب التاريخ من ذات نفسها. وهناك أندية تريد أن تحسب بطولات شرط أن تكون حقيقية مثل المناطق".

وختم تصريحاته لـ الوطن أنه " إذا تم الخروج عن العمل بالمنهج العلمي واللائحة سيفشل المشروع، وستتحرك الأندية الرافضة لطريقة احتساب البطولات".

وأوضح أنه لا بد من العناية بأهمية فصل البطولات المتحققة في فترة الهواة عن فترة الاحتراف، حيث لا يصح جمعها، فالنظام مختلف منذ تأسيس هيئة المحترفين بعد عام 1994 فقد أصبحت كل المسابقات بنظام الاحتراف.

حلم توثيق البطولات

- 5 عقود انتظارا
لتوثيق البطولات

- 20 عاما تبذل محاولات لاستثنائها من التوثيق

- 5 عوامل أضعفت توثيق البطولات

- 6 مراحل سابقة فشلت بالتوثيق

5 عوامل أحبطت التوثيق

1ـ الاستقالات والمغادرات

2ـ رفض الأندية

3ـ عشوائية اللجان

4ـ عدم المعرفة الكاملة بالتاريخ الرياضي

5ـ التعصب والميول