دائما ما نتساءل لماذا لا نتغير، أو لماذا لم نستطع حتى اللحظة مواكبة المتغيرات المحيطة بنا، تقنيا وعلميا، وبقينا أمة مستهلكة لا منتجة.
هناك أكثر من شماعة نعلق عليها عدم قدرتنا على التحرك من نفس المكان ونفس المساحة الضيقة إلى مساحة أوسع، بينما نجد أن كل من يتحدثون عن الخصوصية مثلا، يتجاهلونها حين تتقاطع مع مصالحهم. الحديث الذي يتردد بين جيل كامل الآن هو أنهم لا يصدقون أن من كانوا يتباكون ويصرخون محرمين للتقنية وثورة الاتصال، أصبحوا الآن نجوما للمشهد، وأصبحوا يزايدون على الآخرين مستخدمين المنابر التي كانت بالأمس القريب محرمة، بل حتى الصور التي كانت في حكم الكبيرة وأنها من ذوات الأرواح، صاروا الآن يتنافسون عليها.
الإشكالية هنا أن الجمهور هو الضحية، ولكنه لا يعي الدرس. وفي كل مرحلة يتم إيهامه بشعارات وعبارات يرددها دون وعي، حتى ينتهي المستفيد منها ثم يستبدلها بأخرى.
كيف تثق الجماهير بأولئك المتغيرين أو المتبدلين، وعلى الرغم من أن التغير من طبيعة البشر، ولا يمكن أن نلوم أحدا على أي تغير يمر به، إلا أن المكابرة والقيام بسوق الجماهير إلى الهلاك وطريق الموت، ثم التغير المفاجئ دون اعتذار حتى هو نوع من المكابرة، ولكن هذا الاعتذار أيضا قد يكون إدانة للشخص في مجتمعات تنتظر أي زلة لإقامة مشانق ومحاكم تفتيش تجاه أي شخص وأي فكرة. إذا كانت هناك ثوابت أساسية للمجتمع يتفق عليها الجميع، فليتم تحديدها وتكون هي الإطار العام والمظلة التي يتحرك الجميع تحتها، ويصنعون تغييرا يسقط معه أصحاب المصالح الشخصية والشعارات الرنانة التي تتبدل وتتغير، وترددها الجماهير دون وعي.