حدد الخبير المستشار الهندسي، المهندس نبيه الشعيبي المتخصص في الخرسانة الأسمنية 3 أعداء يتربصون بالخرسانة، وذلك في معرض تناوله مشاكل الخرسانة والتهاون الذي يتعامل به بعض العاملين فيها معها.

وحدد الشعيبي الأعداء الثلاثة التي تتضافر للإضرار بالخرسانة بارتفاع درجة حرارة الجو، وازدياد سرعة الرياح، واقتران ذلك بانخفاض في مستوى رطوبتها قد يصل إلى الجفاف.

أهمية الترطيب


دعا الشعيبي العاملين في الصناعات الخرسانية إلى ضرورة معالجة الخرسانة بالماء أو بما أثبت جدواه في تحسين خواصها والمحافظة عليها، لا سيما خلال الأيام الـ7 الأولى من عمرها، أو إلى حين وصولها إلى 70 % من قوتها التصميمية.

وأوضح الشعيبي أن «الخرسانة خليط مكون من مواد طرية وصلبة، وأول ما يتم خلط كامل مكوناتها، وهي بين المد والجزر، تحتاج إلى العناية والاهتمام، فإذا ما تشكلت في قوالب الصب، أضحت ضعيفة الحال يؤثر بها أي دخيل عليها، وقوة بنيتها وصلابة قوامها مرتبطة بجودة مكوناتها، وكيفية إنتاجها، والاهتمام والعناية في البداية، حتى خروجها إلى حيز التنفيذ في قوالب الصب».

وبين أن «الخرسانة يسوؤها الجفاف، وتنعشها الطراوة، لا سيما في الشهر الأول، الذي تحتاج فيه إلى مزيد من الاهتمام، خصوصا عند تتضافر أعداؤها الثلاثة».

‏الحبيبات المنفصلة

أضاف الشعيبي أن «الخلطة الخرسانية بعد الصب، تبث حرارة نتيجة التفاعل بين الأسمنت والماء، وهذه الحرارة تعمل على إحداث شقوق، فإذا الماء سال وانساب خلال عملية الرش والترطيب على جسد الخرسانة بكافة أشكالها وأوضاعها، كان كالبلسم الذي يحول دون إحداث تمزق وتخدش وتشقق ذلك الجس، وعلى النقيض من ذلك فهو يقوي بنيتها ويرفع كفاءتها».

وشبّه خليط «الخرسانة» بخليط الكيك، وقال «إنه لا يخلو بعد التجهيز الأخير من وجود حبيبات بودرة محتبسة ومنفصلة عن الكتلة الأم، لم تمتزج بالخليط، فإذا سقيت الماء، انضمت وارتبطت بالمكون العام للكتلة؛ ورش الخرسانة وترطيبها، كذلك بالماء بعد الصب يعمل على تغلغل الماء بين مسام الكتلة الخرسانية، وتفاعله بالأسمنت الحر، ودمج الحبيبات المنفصلة وانضمامها لكامل الكتلة وتعزيز قوتها ورفع مستوى ديمومتها» .

الماء المالح

وعما إن كان الماء المالح يصلح لترطيب الخرسانة، قال «الترطيب بالماء للكتلة الخرسانية يعوّض ما قد يسرقه المحيط القارس الجاف من شدة رياح وحرارة جو، فهو يعوض المفقود من مخزون الكتلة الخرسانية فيقلل الإجهادات الداخلية، ويساعد على عدم تمزق بنيتها من خلال تقليص الشقوق الانكماشية، ويؤدي إلى رفع مقاومتها وتحسين أدائها».

وأضاف «الترطيب بالماء، كلما كان قريبا من وقت الصب كان تأثيره أفضل على الكتلة الخرسانة وواضح وجلي، وتأخير ذلك ليوم أو يومين لا سيما في الصيف يؤدي إلى تدهور الخرسانة، وقد يصل إلى تلفها، ويمكن رش وترطيب الخرسانة بتسيير الماء على سطحها بتؤدة عندما يُمكن السير عليها بلطف».

وألمح إلى أن الخرسانة قنوعة، فهي لا تشترط ماء معينًا لرشها وترطيبها، فالماء الصالح لشرب الآدمي صالح لها، وقد تقبل بالمالح والهامج عند عدم انغماس الحديد في بنيتها.

الإجهاد الداخلي

‏أبان الشعيبي أن الجو القارس الجاف، والحرارة العالية، يعملان على زيادة الإجهادات الداخلية داخل الكتلة الخرسانة، وإحداث تخلخل غير منتظم في الكريستالات للعجينة الأسمنتية الرابطة للمكونات الخشنة من الركام «الحصى»، وبذلك يتضح أهمية رش الخرسانة وترطيبها بالماء لإنتاج خرسانة منتظمة التكوين الداخلي بجودة عالية.

وقال «يظن البعض أن حرارة الجو العالية، تعطي نتائج عالية نتيجة لسرعة تفاعل الأسمنت بالماء، وهذا صحيح لكن لا يلبث المنتج النهائي للخرسانة وبعد 28 يوما أن يعطي نتائج أدنى من تلك الخرسانة التي تم التعامل معها بالترطيب والرش والعناية».

ولفت إلى أنه «كلما كانت الخلطة التصميمية للخرسانة جافة وقليلة المحتوى من الماء، كانت أحوج إلى الترطيب منذ بداية تصلبها وتحملها للرش والترطيب".