ورأى الباحث أن بعض الشعوب تتناول تلك الفصائل منذ مئات السنين، ولم تسبب الأمراض للإنسان ولم تنقلها إليه، وذلك بسبب اختلاف العائل، لأن تلك الحشرات تعيش فقط في المحاصيل الزراعية، ولا تستطيع العيش والتطفل على الإنسان أو الحيوان.
وأوضح أن هناك أكثر مليارين من البشر يتغذون على الحشرات في العالم، معظمهم في آسيا وإفريقيا، وهم بصحة جيدة، ويمكن الاستفادة من تجاربهم ونقلها إلى بقية الشعوب حول العالم، خصوصا أنه أجريت عدد من الأبحاث حول العالم حول تقبّل هذا النوع من الغذاء في أوروبا وغيرها.
خسائر فادحة للعالم
أشار الدكتور صلاح الهاجري (دكتوراه في فلسفة علم المناعة والأمراض) في حديثه لـ«الوطن» إلى أن «معظم الأمراض الوبائية، التي ظهرت في العقود الثلاثة الماضية، وتسببت في خسائر فادحة للعالم، هي من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، ويعتقد أن تلك الأمراض لها علاقة بالإنتاج المكثف للحيوانات بغرض زيادة الإنتاج الحيواني في بقعة أرضية صغيرة وذلك لتقليل مصاريف الإنتاج، ومن أبرز تلك الأمراض، الحمى القلاعية، والسل البقري، وأنفلونزا الطيور، وجنون البقر، والحمى المالطية، ومتلازمة الشرق الأوسط، وكوفيد 19 الذي تسبب في جائحة عالمية».
نقص كمية الغذاء
أضاف الهاجري أنه اعتمادا على الإحصائيات العالمية، فإن عدد سكان الكرة الأرضية في ازدياد مستمر، يقابل ذلك محدودية الأراضي الزراعية، وكمية المياه الصالحة للزراعة، ولا يمكن زيادتها بأي شكل من الأشكال، لذا فالإنتاج الحيواني المعتمد على الرقعة الزراعية، والمحاصيل الزراعية في تغذيته أيضا محدود وثابت، ومن هنا توصي منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، بتحسين استعمال نفس الموارد الطبيعية الموجودة في الكرة الأرضية، بكفاءة أفضل لزيادة الإنتاج الغذائي باستعمال نفس المساحة الزراعية، ونفس كمية المياه، وأكبر تحد يواجه الإنتاج الغذائي هو إنتاج البروتين، حيث يتوقع حدوث نقص في كمية الغذاء بحلول 2050، وأن الطلب على الغذاء سيزداد بنسبة 70%، وخصوصا البروتين الحيواني ما لم يتم وضع حلول مناسبة في وقت مبكر.
اشمئزاز في العالم الغربي
قال الهاجري «في السابق كان هناك اشمئزاز من تناول الحشرات خصوصا في العالم الغربي، وحاليا هناك طلب كبير عليها، وتم افتتاح عدد من المطاعم التي تقدم هذه المأكولات، وقد تم تسويقها في عدد من الأسواق والمجمعات التجارية».
وبيّن أن «الكفاءة الإنتاجية للحشرات الصالحة للأكل، تشير إلى أن معدل التحويل الغذائي في الحشرات يتفوق على الحيوانات الأخرى بمراحل ومنها الأبقار والأغنام والدجاج والأسماك»، مستشهدًا في ذلك أنه «لإنتاج رطل واحد من لحم البقر، نحتاج الى 10 أرطال علف، وألف جالون ماء، ومساحة 200 قدم مربع أرض، بينما رطل واحد من الحشرات الصالحة للأكل سيحتاج إلى رطلين من العلف، وواحد جالون ماء، واثنين قدم مكعب».
قيمة غذائية عالية
أكد الهاجري على القيمة الغذائية المرتفعة للحشرات الصالحة للأكل، إذ تتمتع الحشرات الغذائية بقيمة غذائية عالية، فهي أعلى من الأبقار والأسماك في البروتين، إذ إن لحم الأبقار يحتوي على 22.40 جرام بروتين، وسمك السلمون 20.40 جرام بروتين، بينما الحشرات تحتوي على 31 جرام بروتين، والأوميجا 3، وهذا أعلى من الأبقار التي لا تحتوي على أوميجا 3، بينما سمك السلمون يحتوي على 2.5 جرام، والحشرات تحتوي على 1.8 جرام، أما بالنسبة للألياف الغذائية، فالحشرات تفوقت على الأبقار، والسلمون أيضا، حيث إن الحشرات عالية الألياف الغذائية والتي تصل إلى 7.2 جرامات، بينما الأبقار، والأسماك، لا تحتوي على الألياف (صفر جرام)، ومن الواضح أن القيمة الغذائية من نسبة البروتين، وقلة الدهون هي الأفضل في حشرة «الكريكيت»، علاوة على ذلك، فإن تلك الحشرة أغنى من الحليب في الكالسيوم، وأغنى من السبانخ في الحديد، وأغنى من الفول الأخضر في الألياف الغذائية.
الطور الكامل أو اليرقات
أبان الهاجري أن طريقة تناول الحشرات الغذائية، تتمثل في تناول تلك الحشرات في طورها الكامل أو في طور اليرقات، وقال «تم التصريح للشركات بإنتاجها بشكل تجاري وإنتاجها على شكل بودرة واستعمالها في التصنيع الغذائي، وتشير الدراسات الاستطلاعية إلى أنه سيرتفع عدد الأوروبيين الذين يستهلكون الحشرات الصالحة للأكل من 9 ملايين في عام 2019 إلى 390 مليونا بحلول عام 2030، لينضموا إلى ما يقرب من ملياري شخص آخرين يأكلونها في جميع أنحاء العالم».
وأشار إلى أن «بيئتنا المحلية تبدو جيدة لإنتاج الحشرات، فهي لا تحتاج إلى كمية كبيرة من المياه، كما أن الحشرات تنمو جيدا في الطقس الدافئ والحار».
وأوضح أن الجراد مثلا كان غذاء الأجداد ومعروف تناوله في ثقافتنا الغذائية، وهو يمثل أحد الخيارات الجيدة، نظرا لمحتواه الغذائي الجيد، وقلة تكاليف إنتاجه، وعبئه الخفيف على البيئة، وعليه من الجيد دراسة ذلك، بشكل أعمق لإنتاجه بشكل تجاري، وفتح مزارع متخصصة في إنتاجه».