يظل المتقاعدون في كل دولة، فئة غالية وثروات وطاقات بشرية وطنية في أوطانهم، نظير أعمالهم وخبراتهم وجهودهم وخدماتهم، التي قدموها طيلة فترات حياتهم العملية، التي أمضوها في مختلف مجالات الأعمال وميادين العمل، سواء قي القطاعات الحكومية أو القطاع الخاص.

ومن هنا تأتي أهمية مقترح إطلاق إستراتيجية وطنية للمتقاعدين، الغرض العام منها الريادة في خدمة المتقاعدين ودعمهم، لينعموا بالعيش الكريم وجودة الحياة، فهم في الحقيقة فئة ذهبية وغالية على قلوب المجتمع والوطن، إن وجود إستراتيجية وطنية مشتركة شاملة وفاعلة، حاليا ومستقبلا وقابلة للتطوير، ستسهم بعون الله تعالى في توحيد جهود جميع الجهات المعنية بشئون المتقاعدين، حيث إن هذه الإستراتيجية تستقي مراجعها إلى التوجيهات الصادرة بهذا الخصوص من القيادة الرشيدة، وإلى ما هو موجود ومعمول به سابقاً لدى الجهات المعنية، وكذلك إلى مستهدفات رؤية 2030م التي أعلنها سمو ولي العهد يحفظه الله، والتي تعتبر مرجعاً وإحدى ممكنات نجاح هذه الإستراتيجية، ومن الضروري أن يشترك في إعداد هذه الإستراتيجية وتنفيذها، جميع الجهات المعنية بشئون التقاعد والمتقاعدين والخبراء المستشارين، تحت قيادة أعلى جهة مسئولة، حتى يتم توحيد الجهود المادية والفكرية والبشرية، نحو تحقيق الهدف العام من هذه الإستراتيجية وهي الريادة في جودة الحياة للمتقاعدين.

لقد ذكرت الإحصائيات المعلنة في بعض الصحف، أن عدد المتقاعدين في المملكة قد بلغ حوالي 700 ألف موظف وموظفة، وبناءً على هذه الأعداد الكبيرة، والتي قد تزداد يوما بعد يوم يتضح لنا مدى أهمية وجود إستراتيجية وطنية شاملة للمتقاعدين، ينبثق منها مبادرات وبرامج فاعلة ريادية ناجحة، ولعلي أشارك الجهات المعنية في تقديم مقترح لبعض المبادرات، التي آمل بعون الله أن تسهم في نجاح ما يرد في هذه الإستراتيجية من أهداف.


* أولى هذه المبادرات، تأسيس منصة إلكترونية موحدة وتطبيق للمتقاعدين، تقدم المنصة معلومات عامة عن أنظمة التقاعد وتزود المتقاعدين بأفضل الخدمات، على أن تتم الاستفادة في إعداد متطلبات هذه المنصة من الدروس المستفادة السابقة والمقترحات الهادفة، يعمل على هذه المنصة كفاءات وطنية مبدعة ومطورة، تطرح خدمات راقية ومنطقية وذات مصداقية وجودة عالية، من الخدمات التي تقدم كل ما يمس حياة المتقاعد، من تقديم الاستشارات والتواصل معهم وعرض الأخبار والإعلانات التي تفيد المتقاعد، وكيف يمكن أن يشترك في مجالات الإغاثة والتطوع والقطاع الخيري، وكذلك في نشر إعلانات التخفيضات والحسومات المستمرة، المقدم لهم من القطاع الخاص، ويمكن للمنصة أن تعمل على تنسيق زيارات المتقاعدين كزيارة الحرمين الشريفين، والمناطق السياحية والأثرية، والمكتبات والجامعات، والمصانع والجهات الحكومية، وغيرها من المرافق المناسبة، وأهم نجاح للمنصة أن تعمل على تجمبع بيانات جميع المتقاعدين «ذكورا وإناثا»، تطرح عليهم الاستبانات وتستمع إلى آرائهم ومقترحاتهم وشكاويهم، وتعمل المنصة على تطوير خدماتها أولا بأول.

* ثانية هذه المبادرات، إقامة وإعلان مسابقات ثقافية ورياضية سنوية وطنية كبرى للمتقاعدين، فيما يخص مجالات الرياضة، التنسيق مع الأندية الرياضية، وما يخص مجالات الثقافة، التنسيق مع الأندية الأدبية في جميع مناطق المملكة، ويتم تخصيص جوائز كبرى للفائزين وفق شروط محددة، ويتم تكريم أكبر عدد ممكن، لتكون حافزا للجميع في المشاركة.

* ثالثة هذه المبادرات هى تأسيس «مجلس ثقافي للمتقاعدين» أسبوعي أو شهري

«مصرح له» في الأحياء بالمدن والمحافظات في جميع مناطق المملكة، بحيث تتم فيه دعوة العلماء والمثقفين والمفكرين، لإلقاء محاضرات علمية/تقنية/أدبية/ثقافية/صحية/اقتصادية/اجتماعية، أو مناقشة أي موضوعات تحتاجها المنطقة، وإذا وجد بأن هناك توصيات لهذه الموضوعات ترفع للجهات المعنية للاطلاع والاستفادة، ومن المهم التركيز على جودة الإدارة والتنسيق والاستمرارية لهذه المجالس.

* رابعة هذه المبادرات، العمل على تأسيس مؤتمر ومعرض سنوي للمتقاعدين في العاصمة الرياض، يتم من خلال هذا المؤتمر والمعرض تقديم محاضرات وندوات وفعاليات، يحضرها خبراء وأساتذة جامعات متخصصون من الداخل والخارج، لإلقاء محاضرات عن الحياة بعد التقاعد، وكيف يمكن للمتقاعد أن يطور من مهارته ويستمر في عطائه، وكيف يستثمر الفرص المناسبة له، يتم في هذا المعرض دعوة القطاع الثالث والقطاع الخاص، للمشاركة في عرض مهامهم وأهدافهم وأنشطتهم، ومن ثم يتاح لهم فرصة استقطاب من يرغب في العمل لديهم من المتقاعدين «ذكورا وإناثا» وفقا للمؤهلات والخبرات، كذلك يمكن هذا المؤتمر الجهات المعنية في دعم ومساندة رواد الأعمال والتجار، وتوجيههم نحو المزيد من النجاحات، وتتم تغطية هذه الفعاليات وفق خطة إعلامية شاملة عبر جميع الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي.

في نهاية هذا المقال قد يكون هناك المزيد من المبادرات الرائدة، التي لدى الكثير من أبناء وبنات الوطن، وهنا أجد أن مبادرة تأسيس المنصة الإلكترونية، التي ذكرتها في أولى هذه المبادرات سيسهل من استقبال جميع المشاركات الفردية والمؤسسية الحكومية والخاصة.

وقفة

لو افترضنا أن هناك 100 ألف متقاعد ومتقاعدة لا يعملون بعد تقاعدهم..

هل تعلمون ماذا افتقدنا!!

لو كل شخص تم استقطابه في عمل خيري أو إغاثي أو أي أعمال تطوعية مدة ساعتين يوميا..

عندها سيكون لدينا جهود قدرات بشرية تعادل 200 ألف ساعة عمل يوميا، 6 ملايين ساعة شهرية، 72 مليون ساعة سنويا.