هل تستفيد الدول من هاتين المؤسستين أم تتضرر؟ هو سؤال ما برح يطرح سرًا وجهارًا منذ ظهر للوجود صندوق النقد والبنك الدولي، وهما مؤسستان ضمن منظومة الأمم المتحدة، وقد تأسستا في عام 1949 ولكلٍ مهمة أنشئ من أجلها؛ وبعض الناس يخلط بينهما بسبب الارتباط المالي الذي يجتمعان عنده، ويفترقان عنده كذلك!

أما سبب إنشائهما فيعود إلى ما بعد الكساد العالمي إذ اجتمعت عدة دول في الولايات المتحدة قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1944 (سميت لاحقا اتفاقية بريتون وودز) في واشنطن بهدف الاتفاق لإنشاء منظمة حتى لا تحدث مشكلات عالمية مالية واقتصادية كما حدث سابقا، وفعلا تم الاتفاق على إنشاء صندوق النقد والبنك الدولي، وقد بدأ عملهما الرسمي في عام 1956.

ويهدف الصندوق إلى ضمان استقرار الأنظمة المالية النقدية بما فيها سعر الصرف للعملات، وكذلك مساعدة الدول على وضع برامج اقتصادية عند حدوث أزمات مالية أو اقتصادية داخل بلد ما، ويهدف إلى محاربة الفقر ورفع معدلات التوظيف. يأتي تمويل الصندوق من طريقتين الأولى هي حصص الدول فلكل دولة مبالغ معينة تدفعها سنويا بحسب حجم وقوة اقتصاد الدولة، وأكبر دولة مؤثرة وقوية داخل الصندوق هي الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تساهم بما يقارب %17.7 وأقلها سيشل بـ %0.04 وعدد أعضاء الصندوق 189 دولة وتبلغ ثروته أكثر من 600 مليار دولار. أما السعودية فهي تساهم بـ %2.1 من حصص الصندوق مما يجعلها مؤثرة أيضا في قرارات الصندوق.


والمورد الثاني للصندوق يأتي من القروض المقدمة للصندوق ومن هذه الأموال يقرض الصندوق الدول المحتاجة بعد فرض شروط إصلاحية أحيانا تكون قاسية أو صعبة مما يؤدي إلى اضطرابات وقلاقل في تلك الدول، وقروضه عادة قصيرة الأجل ليست مثل البنك الدولي الذي عادة ما تكون قروضه طويلة الأجل.

أما البنك الدولي فقصته ووقت ومكان إنشائه فهي مشابهة لإنشاء صندوق النقد الدولي، ومداخيلهما هي تقريبا متشابهة لكن المهمة مختلفة؛ فالعمل الرئيس للصندوق هو دعم التنمية والرخاء ومحاربة الفقر على المدى الطويل في الدول المستهدفة، كما حدث عند إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945.

ويساهم البنك بالإعمار في الدول مثل إنشاء المستشفيات والمدارس، ومشروعات الكهرباء والماء. والدولة صاحبة النسبة الأكبر في المشاركة هي الولايات المتحدة كما هو الحال في صندوق النقد الدولي، وتستخدم أموال البنك للإنشاء والبناء فهو ليس مثل صندوق النقد الذي يهدف إلى تقديم مساعدة طارئة للدول.

ختاما من أكثر الانتقادات الموجهة لصندوق النقد والبنك الدولي أنهما ينفذان أجندة الدول الكبرى المسيطرة، وأنهما يسعيان للإسهام في بناء النظام العالمي الجديد، كما أنهما وسيلة مكافأة للمطيع ومعاقبة من يحاول الخروج عن إطار الطاعة كما يزعم البعض، وعليه فالسؤال هل ستبقى المؤسستان؟ أم يجري عليهما سنة التغير؟ أم تزاحمهما مشروعات منافسة من البريكس أو غيره؟