أثارت مسألة المثلية في كأس العالم 2022 جدلاً مفتعلاً من عدة جهات وأشخاص حول العالم، كان آخرها الضجة التي افتعلها الصحفي الأمريكي جرانت وال.

جرانت هو صحفي رياضي معروف ومراسل لقناة «سي بي إس» الرياضية، لكنه بدلاً من أن يرتدي بدلته الرسمية ويحضر مع الصحفيين ذهب إلى بوابات المشجعين بقميص عليه شعار قوس قزح؛ ليستفز الأمن ويثير الرأي العام العالمي- انظروا إلى قطر كيف تضطهد الأقليات الجنسية! طبعًا تصرف جرانت هو جزء من الثقافة الأمريكية الاستعلائية التي ترى أنها الأفضل أمام الثقافات العالمية الأخرى.

ولمعرفة دوافعه قمت باستعراض تغريداته من بداية المونديال، فلم أجد أي إشادة بالتنظيم أو التجهيزات الكبيرة ولا عن ثقافة الشعب القطري، في المقابل يرى وال أن قطر قد كسبت المونديال بالرشوة وأن الممثل مورجان فريمان الذي شارك في حفل الافتتاح ما هو إلا عميل قطري! هنا سأتحدث عن الموضوع بشكل منطقي.


في كتيب «قوانين اللعبة» طبعة 2022/ 2023، الذي يصدره مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) القانون الرابع الذي يخص لباس اللاعبين:

نصت الفقرة الخامسة على: يجب ألا تحمل المعدات أي شعارات أو بيانات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية، كما يجب على اللاعبين عدم الكشف عن الملابس التحتية التي تحمل أي شعارات أو بيانات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية أو إعلانات غير شعار الشركة المصنعة وفي حالة مخالفة هذا فإنه يتم معاقبة اللاعب أو الفريق من قبل منظم المنافسة أو الاتحاد الوطني لكرة القدم أو الاتحاد الدولي لكرة القدم، ويشمل ذلك:

• صورة أي شخص سواء كان حيًا أو ميتًا إلا إذا كان جزءًا من الاسم الرسمي للمسابقة.

• أي حزب/ منظمة/ مجموعة سياسية محلية، إقليمية، وطنية أو دولية، وما إلى ذلك.

• أي حكومة محلية، إقليمية أو وطنية أو أي من إدارتها، مكاتبها أو وظائفها.

• أي منظمة ذات طابع تمييزي.

• أي منظمة يحتمل أن تؤدي أهدافها/ أفعالها إلى الإساءة إلى عدد معتبر من الناس.

• أي عمل أو حدث سياسي محدد.

وعند استذكار حدث وطني أو دولي مهم، فإنه ينبغي النظر بعناية في أحاسيس الفريق المنافس، بما في ذلك مؤيدوه وعامة الجمهور.

هذا القانون يشير بوضوح كبير لمسوغات منع أي شعار من شأنه أن يبعد الفرق أو الجماهير عن كرة القدم، ويحول المونديال من فرصة للتعارف العالمي الى أجواء مشحونة.

و«شارة الحب الواحد!»: الحب الواحد هي حملة سياسية اقترحها الاتحاد الهولندي لكرة القدم وتبنتها منتخبات 10 دول أوروبية تأهل منها 7 للمونديال، الهدف منها، كما يقال، هو إرسال رسالة بأن كرة القدم هي حب مشترك للجميع بغض النظر عن دينهم وثقافتهم وميولهم الجنسية، لكن هل هذا هو المقصود فعلاً؟

يقول جاريث ساوثجيت مدرب المنتخب الإنجليزي: إن الهدف هو لفت أنظار العالم في المونديال إلى انتهاكات قطر لحقوق الإنسان، ومنها حقوق العمال المهاجرين، وكذلك للاعتراض على حظر قطر للمثلية.

في 19 نوفمبر التقت الفيفا قادة المنتخبات الأوروبية المشاركة، وعرضوا عليهم استبدال الشارة بشارة أخرى مماثلة مكتوب عليها «لا للتفرقة»، لكنهم رفضوا أي شارة لا تحتوي على قوس قزح على الرغم من أنها ستؤدي نفس «المعنى»، لكنها لن تؤدي نفس «الغرض».

تنص الفقرة «13.8.1» من قوانين اللعبة على أن كابتن الفريق يرتدي الشارة التي تمنحها الفيفا في النهائيات. ردود الفعل الغاضبة من المنع كلها تحدثت عن المثلية فقط، ونسوا الشعارات الأخرى وحقوق العمال! فرنسا التي تبنت الشعار تحظر على المرأة ارتداء الحجاب على الشعر أثناء الرياضة، وفريق ألمانيا الذي أغلق لاعبوه أفواههم قبل المباراة ندعوهم لقراءة تقرير منظمة حقوق الإنسان «هيومان رايتس ووتش»، عن حقوق الإنسان في ألمانيا 2020.

القصد ليس حقوق الإنسان أو غيره بقدر ما هو الضغط السياسي والإعلامي لإفشال المونديال؛ لأنه يقام لأول مرة في دولة عربية، ولثاني مرة في دولة آسيوية منذ انطلاقته في عام 1930باستخدام ورقة معاداة المثلية، التي أصبحت الآن مماثلة لورقة معاداة السامية سابقًا.