تمكين الإنسان في جميع مناحي الحياة، من البحث عن المعلومات وتقييمها واستخدامها وإنشائها بالطريقة الصحيحة والسليمة، لتحقيق هدف شخصي أو اجتماعي أو مهني وأيضًا تعليمي، هو الوعي المعلوماتي أو الوعي الرقمي، اللذان يمثلان مفهوم محو الأمية الرقمية. وبهما تتكون منارات المجتمع الرقمي الحديث، الذي يضيء مسارات التنمية والازدهار.

ويمثل الوعي المعلوماتي أساس تطوير مهارات التعلم الذاتي والتعليم المستمر في حياة الإنسان، ليتمكن الجيل الناشئ في الحاضر والمستقبل من الاستحواذ على المهارات الرقمية الأساسية اللازمة التي تجعلهم (مستخدمين مثاليين لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات)، أيضًا باحثين ومحللين يتميزون بالوعي الرقمي، قادرين على التعامل مع المعلومات بفعالية وكفاءة عالية، لاسيما فيما يخص التعامل مع المعلومات في اتخاذ القرارات التي قد يقدمون عليها يومًا ما بأنواعها كافة.

ومن المصطلحات التي نقلت من اللاتينية واللغات الاجنبية بتمرادفات متنوعة للوعي المعلوماتي،(محو الأمية المعلوماتية). ويتنوع ويتعدد تعريف هذا المصطلح الذي يعنى بالعالم الرقمي والفضاء السيبراني، الذي يتطلب الوعي الرقمي من المستخدمين لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمواطن الرقمي بشكل خاص، امتلاك المهارات اللازمة لاستخدامها ومراعاة التطبيق في الوصول إلى المعلومات وإنشائها والتفاعل معها.


ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بنوعين آخرين من المهارات منها الإلمام بالقراءة والكتابة التي تقترن بمحو الأمية المعلوماتية وهما: محو الأمية الحاسوبية (والمقصود بها مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات) ومحو الأمية الإعلامية (والمقصود بها فهم مختلف أنواع الوسائط والأشكال التي تنقل بها المعلومات ودورة حياة المعلومات).

فعلى سبيل المثال، تتطلب القدرة على التنقل في فضاء العالم الرقمي والفضاء السيبراني، التعامل مع ملفات الوسائط المتعددة ذات النصوص التشعبية، وامتلاك المهارات التقنية لاستخدام الإنترنت، ومهارات القراءة والكتابة لتفسير المعلومات في فضائها السيبراني، والتفكير الناقد وغيرها من المهارات.

وتطلق الأمية المعلوماتية على الفرد الذي لا يعرف كيـف يـحـدد احتياجاتـه المعلوماتيـة، ومصـادر الـوصـول إليهـا وكيفيـة استخدامها، بما في ذلك عدم معرفة استخدام الانترنت كوسيلة نفاذ رقمية لمصادر المعلومات الموثوقة المتنوعة الأخرى، وتحديد وتقييم المخاطر.

لقد أصبح للوعي المعلوماتي او الوعي الرقمي اليوم وفي عصرنا الحديث أهمية بالغة.

إذا كانت رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة 2030، دائمًا ما تعتني بالإنسان على أرضها المباركة في شتى الميادين لا سيما في الاقتصاد المعرفي وتنمية القدرات البشرية، فالمواطنة الرقمية والوعي الرقمي، يرتبطان ببعضهما البعض، وأن يكون الفرد مواطنا رقميًا واعيًا معلوماتيًا ورقميًا، أي ان لديه من القيم العالية الكثير، وأهمها: أن يكون فخورًا بإرثه الثقافي العريق، يعتز بهويته الوطنية، يؤمن بالوسطية والاعتدال والتسامح، يمتلك المعارف والجدارات الفنية والمهنية والمهارات اللازمة لوظيفة المستقبل.

مجموعة الجدارات والقدرات والمهارات السلوكية والفنية والكفاءات التي يجب امتلاكها من قبل الإنسان الواعي معلوماتيا والمواطن الرقمي، أحد الممكنات للمشاركة بذكاء وفعالية في المجتمع الرقمي الحديث. كما أن التعليم ضروري لنجاح الاقتصاد المعرفي.

إذ تعد ثورة المعلومات الحديثة والتطورات المتسارعة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أحد أسباب ظهور المجتمع الرقمي الحديث بسماته وصفاته وخصائصه التي تفرض ضرورة الاستحواذ بمهارات الوعي المعلوماتي للتفاعل معه ومحو الأمية الرقمية.

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية ويمثل عدد مستخدميها نحو أكثر من 50% من سكان العالم، ومن المتوقع أن يزداد عدد مستخدمي الإنترنت بمعدل مليار مستخدم إضافي في السنوات المقبلة، مما يعني زيادة عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا. فهل جميع المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي يجيدون أهمية الوعي الرقمي والمواطنة الرقمية!! ويعلمون أن الفضاء السيبراني يسهل الوصول إليه وإلى أي معلومات متوفرة به، تمامًا كتصفح مكتبة افتراضية لمختلف أنواع المعلومات، والتي تمكن المستخدم من أي ثقافة وبأي لغة كانت، من معرفة ما يريد، والاطلاع على أي موضوع بمجرد اتصاله بالإنترنت من أي مكان وفي أي وقت على كوكب الأرض أو حتى خارجه.

لا يزال المجال لتحسين التثقيف في مجال المعلومات موجودًا، إذ يجب أن يكون التعليم في الوعي المعلوماتي، وتطوير مهارات التفكير النقدي، وتعليم أخلاقيات الوعي الرقمي ومحو الامية الرقمية أساسيا في صناعة رخصة المواطن الرقمي.

إذ يمكن زيادة الوعي المعلوماتي لا سيما للطلاب من خلال تحسين قدرتهم على التقاط المعلومات وتحليلها وتقييمها واستخدامها. ويتم تحقيق كل هذا من خلال التعليم في المكتبة مع الأنشطة التعليمية المختلفة التي تؤكد أهمية المواطنة الرقمية ومحو الأمية الرقمية. ويشمل التدريب والتأهيل النوعي لها، امتلاك خصائص وعناصر الوعي الرقمي الرئيسة والتي تؤهل الفرد لأن يكون مواطنًا رقميًا نافعًا، التوعية المكثفة بهدف ضمان توفر المعلومات الرئيسة وذات الاهتمامات الخاصة المقدمة للفرد كمواطن رقمي أو مطلوبة منه.

وتدريب مهني مصمم خصيصًا لفروع محددة، ومستويات ينتقل بها الفرد بين مستوياتها كلما تقدمت المعرفة لديهم، بين التفاعل الناشئ بينه وبين البيئة المحيطة به، أي أنها ليست مجرد معرفة، بل تطبيقات، حتى تصبح مهارة وصفة يتحلى بها الفرد لمحو الأمية الرقمية والتي تصاعدت في السنوات الأخيرة بين المجتمعات الحديثة.

وهناك ثلاثة متطلبات رئيسة ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالإطار النظري والتطبيقي لتعزيز منظومة محو الأمية الرقمية، وهي ترتكز على الوعي الموجود ضمن معلومات الفرد الواعي رقميًا والمواطنة الرقمية.

ولتنفيذ مثل هذه البرامج التدريبية والرخص المهنية الموجهة في الوعي الرقمي والمواطنة الرقمية والتي تعد جوهر المسؤولية الاجتماعية المطلوبة من المواطن الرقمي، لا بد من: تمارين تدريبية رسمية، ضمان استعداد الفرد بمسؤوليات محددة تتعلق بالوعي الرقمي والمواطنة الرقمية والمسؤولية الاجتماعية، والتدريب الديناميكي من خلال اجتياز وحدات وحلقات وورش عمل قائمة على تمارين لعب الأدوار واختبار الفرضيات وسيناريوهات متنوعة، واختبار وقياس دراية وجاهزية الفرد لتحديد المخاطر والتهديدات ونقاط الضعف الداخلية والإبلاغ عنها، واتخاذ تدابير مناسبة للتخفيف منها.

استخدام وتطبيق إستراتيجيات وتكتيكات الاتصال والتواصل الفعال التي تسلط الضوء على الموضوعات المهمة التي تبني المواطن الرقمي الواعي رقميًا، والذي يستخدم التفكير الناقد بكل إيجابية وموضوعية ولديه قيم عالية.

الأمية الرقمية تسهم بشكل كبير في التأخر بلحق ركب التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي، ومشكلة من أكبر مشاكل الفجوة الرقمية.

وهذا يقودنا للتعريف بالتربية الرقمية على أنها (استخدام نوع من التكنولوجيا المسؤولة عن توفير القدرة على المشاركة الإيجابية والنقدية بكفاءة)، كما يتم تعريفها على أنها (عملية الاستخدام الأخلاقي والمسؤول، بل والآمن لكل المعلومات)، إلى جانب التكنولوجيا الخاصة بعملية التعليم الرقمي، والتي يستخدمها الطلاب حتى يصيروا أعضاء فاعلين في المجتمع، ليس المحلي فقط، وإنما المجتمع العالمي أيضًا.

التربية الرقمية من المطالب الملحة في الوقت الحالي. وتعمل على المساعدة في اكتساب كم كبير من المعرفة والمعلومات، بل وتصل إلى حد اكتساب كم كبير من المهارات الجديدة، وعلى وجه الخصوص المهارات المتعلقة بالتواصل الفعال، ويتم ذلك عن طريق الاستعمال المسؤول لتلك التكنولوجيا، والعمل على ممارسة كل أشكال المشاركة الاجتماعية، والتعامل مع تلك التكنولوجيا بالشكل الذي يتناسب مع المواطن الرقمي الفخور بإرثه ليمثله خير تمثيل في الفضاء السيبراني.