طبيعة بعض الوظائف قد تحتم على الكثير البقاء في مواقع العمل لساعات طويلة، وتفرض عليهم العمل مع أشخاص مختلفين، وقد يشعر البعض بعدم الراحة والقبول للعمل مع بعض الزملاء في محيط العمل، وحيث إن جميعنا كبشر لدينا تحيزات في طريقة تفكيرنا وشعورنا تجاه الجنس والعرق والقبيلة والمنشأ، إلا أنه من الممكن التوافق حتى مع أولئك الأشخاص الذين لا نرتاح لهم أو لا نحبهم.

أحيانا كثيرة نتخذ مواقف كراهية من أشخاص دون أسباب واضحة، وقد يقوم الدماغ بإيجاد أسباب تبريرية لهذه الكراهية، لاسيما ووظيفة الدماغ حمايتنا وتعزير الشعور بالأمان في اتخاذ قراراتنا.

لا نختلف كثيرا أنه مع مرور الوقت سنكتسب الخبرة لتقييم أنفسنا والآخرين، ولمعرفة أن بيئة العمل والعلاقات المتوترة ستثير العديد من الصراعات والخلافات، والتي ستنعكس سلبا على الأداء، إن ما يقارب 70 % من الموظفين ترتبط سعادتهم وإنتاجيتهم بأصدقاء العمل، وحيث إننا كبشر لدينا تحيزات لا إرادية تملي علينا طريقة التفكير والتعامل مع الآخرين إلا أننا يجب ان نعرف أن لدينا رغبة فطرية في أن نكون محبوبين ومميزين، ولكن هذه الفطرة قد تكون سببا في التهرب من المسئولية وإلقاء اللوم على الطرف الآخر.


ولهذا وللتعامل مع الأشخاص الذين لا نرتاح لهم أو لا نحبهم يجب ان ننتهج بعض الإستراتيجيات، والتي قد تساعد في كبح المشاعر وتخفيف حدة التوتر في بيئة العمل، وأول هذه الإستراتيجيات التخلص من الانحياز الذاتي، والذي يعرف بأنه فهم المعلومات بطريقة تتحيز لمعتقدات الشخص وآرائه، وتكون وظيفة الدماغ هنا هي تحريف وتخزين الحقائق المشوهة، والتي تجعل الشعور بالكراهية وعدم الارتياح لذلك الشخص شعور دائم، ولهذا لا بد من تكييف الدماغ لمراجعة تلك المعلومات غير الصحيحة، وإعادة ترتيب العلاقات والسيطرة على مشاعر الكراهية وعدم القبول، وللسيطرة على المشاعر فإن هذا يتطلب أن نتصرف كأشخاص بالغين، ونستخدم الذكاء العاطفي، ونبتعد عن التصرفات الدفاعية الطائشة والأساليب العدوانية والسلبية.

ومن أمثلة السيطرة على المشاعر الانسحاب بأدب من المحادثات غير الجيدة، والتفكير في أفضل الطرق للتقرب والتعامل مع الأشخاص الذين تختلف ولا ترتاح للتعامل معهم، وذلك من خلال إظهار الاحترام للأفكار والمقترحات التي يقدمونها، والإيمان بأن التنوع الفكري هو المفتاح لحل كل المشاكل والتحديات وخلق الابتكار في بيئة العمل.

كذلك يجب علينا ألا نركز على سلبيات الآخرين، وهذا سيساعدنا في التخلص من الانحياز الذاتي، فعلى سبيل المثال عندما يزعجك شخص ما فلا تركز على تصرفه الخاطئ، ولكن ركز على ردة فعلك وكيف لك أن تسيطر عليها، ولعل من أهم الإستراتيجيات للتعامل مع الأشخاص الذين نختلف معهم أن نتواصل معهم، فالتواصل يولد علاقة أكثر انسجاما واحتراما، ويخلق المزيد من الثقة، ومن خلال التواصل يمكن التركيز على النقاط التي تساعد الطرفين على العمل معا وتحقيق النجاح.

وأخيرا لا شك أن هناك بعض الصراعات التي يتوجب على المرء خوضها، لا سيما تلك التي تتعارض مع قيم ورؤية ورسالة المؤسسة، ولكن دون الإفراط في اتخاذ المواقف العدائية التي تحمل مشاعر الكراهية وتفتقر إلى التعاطف والمرونة.