الشاعر الراحل طاهر زمخشري.. قبل أن يكون شـاعـرًا معروفًا، هو فنان ومحب للفنون وكل من سار فيها.. وحكاية زمخشري.. ومواقفه الكثيرة مع الفنانين لم تبدأ مع بداية الفنانين الذين ظهروا في السبعينات الهجرية بل سبق وأن كـان له رحمه الله دور بارز، ومعروف مع من سـبـقـوا هذا الجيل من الفنانين.. وقد أشادت بعض الأحاديث الكثيرة لعدد من الفنانين بدوره منذ عرفت الساحة الفنية الفنانين الرواد مثل حسن جاوا وسـعـيـد أبو خشـبـة، ومـن كـانـوا معروفين من الفنانين في عـصـر أولئك الرواد.. وهو أحـد الـشـعـراء الذين ساهموا في تلك الفترة بقصائدهم الشعرية.. ويكفي دليلاً على مـواقـفـه قـصـيـدته «رباه» التي غناها المرحوم سعيد أبو خشبة للإذاعة كمجس.. وهو الذي أيضًا أسس فرقة موسيقية أشار كتيب الفنان الراحل الشاعر طاهر زمخشري والذي أعد بمناسبة الاحتفال الذي أقامته الأسرة الفنية والذي كان صاحب فكرته الفنان محمد عبده.. وهو الذي أجرى كل الترتيبات.. وساهم مساهمة كبيرة في قيام ذلك الحفل بالتعاون مع زملائه الفنانين وخصوصا الذين عاصروه ولمسوا منه التشجيع والرعاية الكبيرة وقد كان حفلا كرنفالا فنيا للفنانين.. تعبيرًا منهم لما ناله من تقدير من الدولة وهي تمنحـه جـائزة الدولة الـتـقـديـريـة، كـان ذلك الحفل عام 1405 وقد أعـد بتلك المناسبـة كـتـاب ضم أجمل الكلمات وأرقها وأصدقها من الفنانين جميعهم وفي مقدمتهم الفنان القدير محمد عبده.. والذي قال فيه (عشت معه منذ أن التقيت به أول مرة عام 1383 في القسم الموسيقي بالإذاعة بجدة.. بحسه الفني.. تنبه لي وأنا أغني في الإذاعة واهتم بي ورعاني كثيرًا، وعندمـا عـرف أنني أزور الفنان عمر كدرس أصبح يأتي بين الحين والآخر ليسمعني ويوالي نصائحه القيمة لي وعنايته.. وقد استفدت في حياتي الفنية كثيرًا من تلك النصائح والتوجيهات الأبوية. جزء من كلمات الفنان محمد عبده التي جاءت في ذلك الكتاب الذي أعـد لتكريمه.. في تلك المناسـبـة.. وإذا كـان الفنان الشاعر الراحل الزمخشري وقف أو ساهم مع الفنان محمد عبده فقد ساهم كثيرًا أيضا مع الفنان طلال مداح وغازي علي، وهو الذي أوجد ذلك التعاون بينهما في أغنيتي «أسمر حليوه» و«سلام الله» والتي صاغها هو شعـرًا.. كما ساهم في دعم الحركة الفنية في مختلف المجالات.. وقدم العديد من النصوص الغنائية.. والأغاني التي قدمها للفنان محمد عبده وإن كانت محدودة وهي «خاصمت عيني من سنين».. و«يغالطني» واخـتـيـار الفنان عـمـر كدرس في مناسبة تكريم طاهر زمخشري مقاطع من قصيدته التي ألقاها أمام خادم الحرمين الشريفين وهي «يا أعذب الحب» ولحنهـا عـمـر كـدرس وغناها الفنان محمد عبده في تلك المناسبة.. إلا أنه رحمه الله لم يكن يهدف أن يستغل أي فنان بأغـانـيـه بل كانوا هم الذين يتمنون غناء أغانيه لما يتمتع به رحمه الله من حس فني وخلفية غنائية من خلال خبرته الطويلة التي اكـتـسـبـهـا مـن مـجـالس الفنانين والفنانين القدامي والمعاصرين لهم..

والشـاعـر الفنان الأستاذ طاهر زمخشري.. قـدم تـحـيـات جـمـيـلـة إلى الوسط الفني وكـافـة الفنانين ووقف كـثـيـرًا مع أغلبهم.. وعلى الرغم من عطائه ووقفاته الكبيرة بالنصح والتوجيـه فقد كان الفنان القدير مـحـمـد عـبـده أحد الأوفياء من الفنانين والقادرين على ترجمة الوفاء بذلك الحفل وتلك المناسبة.

ومع أن هذا الذي كان يحدث من شاعرنا الزمخشري تجاه الفنانين جـمـيـعـهم فإننا لا يمكن أن ننسى دور الشاعر الغنائي المعروف الأستاذ إبراهيم خفاجي.. الذي أدرك بحـسـه الفني وخبرته الطويلة في مجال العمل الغنائي.. بما سوف يصل إليـه الفنان محمد عبده من مكانة فنية وتألق !! بعد أن سمع أغانيه التي لحنها الفنان طارق عبدالحكيم وهي «ياللي ما فكرت في حنانك روحي» و«لنا الله».. فبدأ مشواره الشعري مع الفنان محمد عبده ويشكلان ثنائيًا كـبـيـرًا بالكلمة واللحن والأداء.. وكـان مشوارًا فنيًا بينهما شهدته الساحة الفنية بالعديد من الأغنيات الجيدة الناجحة ومنها على سبيل المثال.. صبيا.. ويا سما جـبـلـي شـاهـد.. تعـال مـعـايـا.. وطائر السـعـد.. وظبي.. الجنوب.. ويـا صـحـبـتـي يـا سـمـاري.. ومـا في داعي من وخلي عنك يا عـزول.. وكثير من الأغنيات التي من الصعب سردها في هذه المساحة وإذا كان الخفاجي شاعرا عرفته الساحة الفـنـيـة فـإنه قبل كل شيء له خـلـفـيـتـه الغنائيـة الـكـبـيـرة التي ساعدت في دعم خطوات الفنان القدير محمد عبده.. وساهمت إلى حد كبير في خطواته الأولى وأبرزت الكـثـيـر مـن قـدراته الغنائية.


1991*

* صحافي سعودي «1934 - 2011»