ظاهرة غير مسبوقة
أشار إحصاء للهيئة العامة السعودية للإحصاء صدر أكتوبر الماضي إلى أن 7 حالات طلاق تتم كل ساعة، ما يشير إلى ارتفاع حالات الطلاق في 2022، حيث يبين تقرير الهيئة أن معدلات الطلاق وصلت إلى حالة كل 10 دقائق في ظاهرة غير مسبوقة في حالات الطلاق في السعودية، فقد زادت 6 أضعاف في 10 سنوات فقط، ووصلت إلى 57.565 حالة طلاق في السنة، ووفق بيانات الهيئة، فقد تم تحرير 57 ألفًا و595 صك طلاق، خلال الشهور الأخيرة من 2020، بارتفاع 12.7%، عن 2019.
أريد الاستقلال
تقول مروة عبدالعالي إنها طلبت الطلاق وهي في عمر الـ50 عامًا بعد مضي 30 سنة على الارتباط ومع وجود 5 أبناء وبنات.
وتضيف «كان زواجًا فاشلا منذ البداية لتفاوت الأفكار وتباين مفهوم الحريات وكذلك المعتقدات أيضا، ولم تنجح كل محاولاتي في إصلاح الأمر، فهو يعيش حياة بعيدة عني وعن بيته، يمضي وراء الأصحاب والمال، واليوم من حقي أن أرتاح، فقد اكتفيت من الذل والإهانات، وعلى الرغم من أن الطلاق أدى إلى انهيار بناتي، لكنني أريد الاستقلال بذاتي، أريد أن أعود إلى حياتي قبل الزواج».
لأجل الأولاد
تؤكد أمل إبراهيم أنها تطلقت أخيرًا بعدما سئمت من زوجها الذي لم يشأ أن يتحمل المسؤولية إطلاقًا، وقالت «تحملت المسؤولية كثيرًا، وعشت على أمل أن يتحسن، ويكبر الأولاد، واليوم حصلوا على وظائف، ومنهم من تزوج، فجاء دوري أنا لأستقل بنفسي، وأسافر مع صديقاتي، وليعش هو وحيدًا بسبب أنانيته، فسعادتي ونفسيتي الأهم».
تعاضد الأسباب
يوضح الأخصائي الاجتماعي محمد كاتب أن الطلاق يرجع إلى كثرة ضغوط الحياة ومتطلباتها الصعبة، وبالتالي وقوع خلافات وتضارب أولويات والتفاوت الثقافي.
ويضيف «هنا وبعد سنوات، وكأن الكبار من الآباء والأمهات عادوا إلى مرحلة المراهقة، فأصبحوا يطالبون بحريتهم واستقلاليتهم، ويشتاقون إلى سفرهم مع الأصحاب، والخروج إلى أماكن متعددة من أجل التصوير والمتعة وتوثيق لحظات جميلة، فلا نستغرب أن بعد سنوات طويلة من المشاكل وعدم التقدير يفيض الصبر بالزوجة مثلا، فتقرر طلب الطلاق لتستقل وتنعم بالهدوء وتحقق ما افتقدته خلال سنوات ارتباطها».
وتابع «تطلب الزوجات الاستقلالية الطلاق للتخلص من تعقيدات الزواج أيا كانت، خصوصًا أن المجتمع بات يتقبّل الطلاق، ولا يستغرب سماع الخبر عن قريب أو صديق اتخذ هذا القرار حتى لو بعد سنوات من الزواج».
وشدد على أن ما يثير الزوجة في مرحلة متأخرة من العمر ويدفعها إلى طلب الطلاق، هو التراكمات، فعلى الرغم من أن الحياة الزوجية تقوم على مبدأ التسامح والنسيان إلا أن هناك كثيرًا من الأمور التي لا يمكن تحمّلها إذا استفحلت لسنوات طويلة، مثل عدم الاحترام، وهذا التراكمات المستمرة التي توّلد حالة من الإحتقان العاطفي بين الزوجين تقود إلى هذه النهاية.
وأكمل «يعتقد الإنسان أنه يسامح وينسى، لكن في الواقع قد تتراكم المشكلات والمنغصات، وتتجدد ذكراها المؤلمة في النفس كل حين حتى تنفجر في النهاية وتتجلى بالانفصال».
وتشير منال عالم التي طلقت بعد 35 عامًا من الزواج إلى مسألة طلاقها لم تكن وليدة الساعة، بل كانت نتيجة حتمية لتراكمات متتالية أوصلتها إلى هذا الحد، وقالت «الأفضل للزوجة ألا تتحمل فوق طاقتها، بل عليها اللجوء إلى الحلول الجذرية مبكرًا، وإلى اتخاذ قرارات سريعة أمام المشكلات تجنبًا لتراكمها في النفس».
وتكمل «عدت بعد الانفصال إلى العيش بهدوء، أجدد نفسي بالنزهات والسفر، ولم يعد الأمر مرعبًا اجتماعيًا، بل بات المجتمع يتقبل هذا الانفصال حتى لو حدث بعد سنوات طويلة من الزواج، وبات يقتنع أكثر أن هناك كثيرًا من التغيرات تطرأ على الإنسان في شخصيته واحتياجاته التي تتزايد طلبًا للراحة والهدوء والاستقلال والتعويض عما مضى من حرمان، ومن عدم استقرار عاطفي ونفسي».
وتواصل «فكرت طويلا جدًا بموضوع الانفصال، وعاش معي سنوات، لكني كنت أتحين الوقت المناسب، وهو عندما يستقل أولادي وتتزوج بناتي، وأكون قد أديت رسالتي نحوهم».. وتختم «فعلا.. لقد اكتفيت».